سنة 1505 - وفاة الفقيه الإسلامي جلال الدين السيوطي سنة 1801 - غادرت الحملة الفرنسية الأراضي المصرية بقيادة "مينو" سنة 1863 - افتتاح دار الآثار المصرية القديمة في بولاق سنة 1907 - اتفاقية لاهاي الخاصة بحل النزاعات الدولية سلمياً سنة 1970 - استقالة الرئيس السوري نور الدين الأتاسي من جميع مناصبه التنفيذية والسياسية سنة 1970 - وفاة عبد الكريم بلقاسم رئيس حكومة الثورة الجزائرية المؤقتة سنة 1983 - أقيمت عملية تفجير في مقر المارينز الأمريكي في بيروت. سنة 1954 - اتفاق بين مصر وبريطانيا على إخلاء القواعد العسكرية البريطانية في منطقة السويس. سنة 1918 - بلجيكا تحتل الكونغو. سنة 1918 - فرنسا تستولي على لبنان. سنة 1948 - جلوس الإمام أحمد بن يحيى إمام اليمن. سنة 1995 - ماليزيا تطالب بإلغاء حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي.
كُتب بواسطة: السيد محفوظ محمد - مصر، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 1408 مرة، منذ تاريخ نشره في 2013/06/19
لقد ولت معظم النخب السياسيه وجهها بأتجاه القبله التركيه ، وحج اليها العديد من السياسيين المصريين للتعرف عن الحاله التركيه عن قرب واعتبارها نموذج يمكن تطبيقه به فى مصر ، ايضا ترغب بعض الشخصيات المصريه الطموحه سياسيا فى استنساخ رئيس الوزراء التركى رجب طيب اردوغان بأعتباره ظاهره تحظى بأهتمام واحترام كافة الشعوب العربيه والاسلاميه ، نظرا لما قدمه الرجل من مواقف مشرفه تخص القضيه الفلسطينيه فى الوقت التى كانت تتخاذل الانظمه العربيه 0
ولا شك ان تركيا الان قوه اقليميه سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، وبالفعل تستحق ان تكون نموذجا يستحق ان يحتذى به ، ولكن لا يمكن ان ننظر الى النتائج بدون النظر الى المقدمات ، وتركيا لها تاريح طويل من المقدمات ادت الى ما هى فيه الان ، ايضا لايمكن الاخذ فى الاعتبار بأن تركيا اصبحت تخلو من المشاكل ، فدائما ما كانت تركيا عرضه للمشاكل والازمات ، حتى مع تعاظم قوة تركيا فى السنوات الاخيره فهذا يتزامن معه قدر كبير من المسئوليه اكثر من ذى قبل ويتحتم عليها بأن تكون دائما حاضره بقوه مع الاحداث الاقليميه والدوليه , ولا بأس ان ننظر الى تركيا ونستفيد من تجاربها بل وليس تركيا فقط بل بقية الامم التى نهضت فى العقود الاخيره نستخلص العبره والدروس ، مع ملاحظة انه تجارب الامم وزعامتها لا تستنسخ فى امم اخرى والا كنا شاهدنا العالم فى معظمه قوالب واحده متشابهه فى النظم والاعراف والمورثات والتقاليد
ويعود الاهتمام بتركيا دون غيرها على اعتبار ان حزب العداله والتنميه ذو المرجعيه الاسلاميه الذى استطاع ترسيخ مكانته فى الدوله العلمانيه يمكن استحضار تجربته من قبل التيار الاسلامى فى مصر ، واذا كان التيار الاسلامى فى مصر قد اتته فرصة الوصول الى سدة الحكم فى البرلمان ولم يقضوا به سوى شهور معدوده ، ثم اتته فرصه اخرى بوصول الاخوان المسلمين الى اعلى مناصب الدوله برئاسة الجمهوريه ، الا انه لم يستفد من تجربة العداله والتمنيه فى تركيا ولم يستطع احد تقمص شخص رجب طيب اردوغان الذى تمنى كل الشعوب العربيه بأن يكون لدى كلا منها زعيم مثل هذا الرجل ، قد يكون من الصعب تكرار تجربة تركيا وحزب العداله والتنميه واردوغان فى اى بلد عربى وخاصة مصر ، نقول تجربه ولكن من الممكن كما سبق اخذ العبر والدروس 0
تقع تركيا فى موقع استراتيجى يربط الشرق بالغرب ، واسيا بأوربا ، 3% من اراضى تركيا تقع فى قارة اوربا ، 97% الباقيه فى تركيا الاسيويه وتتميز تركيا بشكلها المستطيلى بطول 1600 كم والعرض 800 كم ومحاطه بثلاتة بحار من الغرب بحر ايجه ومن الشمال البحر الاسود وفى الجنوب البحر الابيض المتوسط وفى الشمال الغربى بحر مرمره ، ويبلغ تعداد سكانها 75مليون نسمه وبلغ اجمالى الناتج المحلى وفقا لتقديرات 2011 ما يقرب من778مليار دولار ويبلغ دخل الفرد ما يقرب من 10500 دولار سنويا ، ويمثل قطاع الصناعه حوالى 30% من اجمالى الناتح القومى وفطاع الخدمات حوالى 58.5% وقطاع الزراعه حوالى 12%
لقد ورثت تركيا الامبراطوريه العثمانيه التى استمرت لما يقرب من ستة قرون من بداية القرن الرابع عشر عندما تأسست على يد عثمان بن ارطغرل وانتهت رسميا فى 29 اكتوبر 1923، ويمكن القول انه لولا الامبراطوريه العثمانيه ما كانت تركيا ، وقبل ان تلفظ الامبراطوريه العثمانيه انفاسها الاخيره كانت قد بدأت تنمو بشده تيارات القوميه التركيه مثل حركة تركيا الفتاه والاتحاد والترقى والوطن والجمعيه التركيه ويمكن القول ان ارهاصات هذه الحركات بدأت من نهاية القرن الثامن عشر بدءا من الحرب الورسيه العثمانيه ثم الدستور العثمانى فى عام1878 ثم حرب البلقان فى بداية القرن العشرين ثم الحرب العالميه الاولى التى كانت المسمار الاخير الذى يدق فى نعش الامبراطوريه العثمانيه فالثوره الشيوعيه1917 ثم حرب الاستقلال فى الاناضول 1919 ، كانت القوميه التركيه هى النواه الاولى التى قامت عليها الدوله التركيه
ايضا لا يمكن النظر الى تركيا بدون مصطفى كمال اتاتورك الذى مثله مثل الامبراطوريه العثمانيه لولاها ما كانت تركيا وهذه حقيقه لا يجب اغفالها مهما كانت المأخذ التى يأخذها المسلمين على هذا الرجل ، ولد مصطفى كمال فى عام1881وتخرج من الكليه العسكريه عام1905 ولقد خاض حروب عده فى كافة انحاء الامبراطوريه العثمانيه فى ليبيا وفى البانيا وفى القوقاز وفلطسين وفى سوريا وكما انه حارب فى الجيش العثمانى ومن اجل العثمانيين ايضا حارب ضد هذا الجيش ومن اجل القضاء على العثمانيين فقد كان على قناعه بأن تركيا لن تقوم الا بعد ان تنتهى الدوله العثمانيه ، بعد انتهاء الحرب العالميه الاولى عام 1918 وهزيمة الدوله العثمانيه وتقسيم ولاياتها بين الحلفاء ( فرنسا وبريطانيا ) بل واحتلال اراضى الاناضول نفسها وقيام اليونانيين بأحتلال ازمير ونشأت حركة المقاومه التى تستند الى القوميه التركيه وسرعان ما تطورت الى حرب تحرير من عام1919 الى عام1922 ، فى هذه الحرب كان المستفيد الاكبر هو مصطفى كمال الذى قاد جيوشه للحرب فى عدة محاور معارضيه من ناحيه ومن ناحيه اخرى الحرب التركيه الارمينيه والحرب التركيه الفرنسيه والحرب التركيه اليونانيه وتم تحرير الاراضى التركيه وفى يوليو1923 تم توقيع معاهدة لوزان مع فرنسا وبريطانيا واليونان وايطاليا وبمقتضى هذه الاتفاقيه اصبح لتركيا حدود ومعالم يمكن انطلاق الدوله القوميه منها كما تم ايضا الغاء معاهدة سيفر التى وقعها العثمانيون عام 1920 وكان يعارضها الكثير من الاتراك ويعتبرونها اهانه بالغه لهم لما جاء بها من بنود مثل حق تقرير المصير للارمن والحكم الذاتى للاكراد
كان مصطفى كمال اتاتورك شديد التأثر بالحضاره الغربيه وبما وصلت اليه من تقدم فى كل المجالات ، وكما حدث فى عصور النهضه فى اوربا من فصل الدين عن الدوله بعد قرون من سيطرة رجال الكنيسه وقمعهم للفكر والابداع فيما عرف بالعلمانيه واخذت اوربا تسير فى طريق النهضه والتنوير والثوره الصناعيه ، بدأ اتاتورك الانطلاق من هذه النقطه ، كان يرى ان الامبراطوريه العثمانيه والخلافه الاسلاميه فى القرنين الاخيرين كانت وبالاً على تركيا والاتراك ، العديد من الحروب خاضوها ومئات الالاف قتلوا وكل هذا من اجل لاشىء حسب وجهة نظره ، لقد كانوا مواطنوا الاناضول تنظر اليهم الدوله العثمانيه على انهم رعايا مثل رعايها فى المغرب او مصر او الشام او بلغاريا وكانت معظم ولايات الدوله العثمانيه لا تخضع للسيطره الفعليه كما ان الخلافه ايضا لم تخرج عن الاطار الشكلى بل ان بعض الولايات ثارت على هذه الاخلافه مثل ثورة الشريف حين وتحالفه مع الانجليز ضد العثمانيين ولقد وضح اتاتورك اسباب الغاؤه للخلافه الاسلاميه فى الاسباب التاليه
1 -الخلافة فقدت شرعيتها العالمية حين رفعت الأمم الإسلامية يدها عنها وقاتلت ضدها بالحرب العالمية الأولى وأعلنت نقض التبعية لها.
3-الخلافة تحولت لمصدر لاستنزاف أموال ورجال تركيا لدرجة وفاة مليون من الأتراك في 20 عام من الحروب بسبب احتضان تركيا الخلافة فبات من المستحيل بقاؤها بتركيا.
3-الخلافة تحولت لجبهة تجمع بقايا الخونة من العثمانيين والسياسيين المنافقين الذين تعاونوا مع الاحتلال فإما هي أو هم وبالتالي باتت مشكلة داخلية كبيرة. 4-الخلافة عائق أمام أي تحديث للبلاد سواء التعليم أو المشروعات القومية. ،
ولذلك نرى مصطفى كمال اتاتورك متشبعا بالقوميه التركيه العلمانيه ، وكان يرى ان احد اهم اسباب تخلفهم عن اللحاق بركب الحضاره هو تأخر معرفتهم للفكره القوميه والايمان بها ، لقد اخذا بالعلمانيه الغربيه بحذافيرها ، لقد استخدم الحروف اللاتينيه بدلا من العربيه فى الكتابه وجعل اللغه التركيه هى اللغه الرسميه للدوله ، وفصل الدين عن الدوله فصلا تاما واستبعد احكام الشريعه الاسلاميه المعمول فى بها فى القوانين المدنيه وقام بألغاء منصب شيخ الاسلام والغاء الماده التى تنص على ان الدين الاسلامى هو دين الدوله ووضع قيود صارمه على التعليم الدينى ، لقد اخذ مصطفى كمال اتاتورك بكافة الاسباب التى كان يراها كفيله بأن تنقل تركيا الى مصاف الدول الحديثه وكان يضع نصب عينيه على النموذج الغربى وما اخذت به اوربا ، ولكن خلال فترة حكمه التى امتدت من عام 1923 الى 1938 لم تشهد تركيا فى عهده اى مشهد من مشاهد الديمقراطيه ولم يكن يوجد سوى حزب واحد فقط هو حزب الشعب الجمهورى الذى انشأ فى عام 1923 ، وعندما مات مصطفى كمال اتاتورك عام 1938 كانت تركيا هى تركيا القوميه العلمانيه الكماليه ، وقد بقيت كذلك حتى يومنا هذا بالرغم من المتغيرات الكثيره التى مرت بها تركيا ، وخلفه فى الحكم مصطفى عصمت اينونو الذى سمح بالتعدديه الحزبيه فى عام 1945 ، وقام عدنان مندريس بتأسيس الحزب اليمقراطى الذى بدا انه يلقى قبولا لدى الاتراك الذين لم يعرفوا سوى حزب الشعب الجمهورى لقرابة عشرين عام ، ولذلك حاول عصمت اينونو ان يحافظ على شعبية حزبه وبدا يأخذ قرارات تبدو غريبه على الدوله الكماليه مثل تأسيس كليه للعلوم الدينيه وادخال الدين كماده اختياريه فى المرحله الابتدائيه واعادة تقديم مبادىء العلمانيه بتفسيرات وشروحات مرنه جديده ، وفى مؤتمر للحزب عام1947 اعلن ان الدين غذاء روحى للمجتمع لا يمكن الاستغناء عنه ، وعلى الرغم من كل هذه الخطوات استطاع عدنان مندريس وحزبه الديمقراطى التفوق على حزب الشعب الجمهورى فى انتخابات 1950 واطاح به من السلطه ، وقام مندريس بتخفيف حدة العلمانيه التى وضع اسسها اتاتورك واستعاد جزء صغير من بعض مظاهر الدين الاسلامى التى تم محوها مثل رفع الاذان باللغه العربيه بدلا من التركيه والغاء الحظر على البرامج الدينيه فى الاذاعه ، واعدة منح تراخيص لبناء مساجد جديده كما اصدر قرار بتدريس مادة الدين الاسلامى فى المرحله الاعداديه ، وبالرغم مما قدمه مندريس بأعطاء المجتمع التركى قدر من الحريات خاصة الدينيه الا انه بقى محافظ على العلمانيه الكماليه فى مجملها فلقد قام بحل احزاب سياسيه تأسست على مرجعيات دينيه ولم يسمح لأحد بهدم تماثيل كمال اتاتورك وفى عهده اشترك الجيش التركى مع الجيش الامريكى فى الحرب الكوريه عام1951 وفى عام 1952 انضمت تركيا لحلف الناتو فى تحد واضح لروسيا التى دائما ما كان ينظر اليهم الاتراك على انهم العدو الاول لهم وللشيوعيه التى بدأ نفوذها يتسع ،ورغم ذلك حدث انقلاب عسكرى على عدنان مندريس فى عام1960 واستولى الجيش على السلطه فى27 مايو1960 بعدما رأى ان مندريس يهدم اسس الدوله التركيه الكماليه العلمانيه التى ارسى مبادئها اتاتورك وحكم على مندريس بالاعدام هو واثنين من الوزراء ونفذ الحكم فى سبتمبر1961 وبالرغم من اعدام مندريس الا انه اتضح فيما بعد ان الرجل استطاع ان يقوض قبضة اتاتورك الحديديه من العلمانيه التى فرضها على البلاد ، واعاد الجيش السلطه للمدنيين واصبح سليمان ديميرل زعيم حزب العداله رئيسا للوزراء فى عام 1965 وبالرغم من الانقلاب العسكرى على مندريس واعدامه الا ان ديميريل سار على نفس خطى مندريس ، وفى اواخر الستينات بدأت تنمو التيارات اليمنيه ، وقام عضو البرلمان نجم الدين اربكان بتأسيس حزب النظام الخاص اول حزب سياسى تركى بمرجعيه اسلاميه فى عام 1970 وفى العام التالى جرى الانقلاب العسكرى الثانى وتم حل حزب النظام الخاص الذى رأى فيه الجيش انه يهدد قيم الدوله التركيه العلمانيه الكماليه ، ولكن بعودة الحياه البرلمانيه مره اخرى قام اربكان بتأسيس حزب الخلاص الوطنى فى عام 1972 وخاض به الانتخابات وحصل على ما يقرب من 12% من الاصوات واصبح اربكان نائبا لرئيس الوزراء بولنت ايجفيت زعيم حزب الشعب الجمهورى فى حكومه ائتلافيه فى العام فى العام 1973 ، وقد بدا واضحا ان الدين الاسلامى الذى حاول اتاتورك تنحيته جانبا من المجتمع التركى لكى تصبح تركيا نموذجا غربيا بعيد المنال ، لقد اتضح ان الدين الاسلامى الذى يدين به 99% من الاتراك متأصلا فى هذا الشعب ، بالرغم من ان الاتراك يدينوا بالفضل لوجود دولتهم الى اتاتورك ، قبل 1923 لم يكن للاتراك دوله بل كانوا رعايا للدوله العليه ، لقد خلقت الجمهوريه الوليده للمواطن التركى شعور بالانتماء لم يشعر به من قبل ، ولكن الطريق الذى رسمه اتاتورك وهو الدوله القوميه العلمانيه لم يكن بديلا لدى الاتراك عن الدين الذى لم يتنازل عنه الاتراك ، لقد شهدت فترة السبعينات الكثير من التخبط وتشكيل العديد من الحكومات ، لقد سقطت حكومة ايجيفيت فى عام 1974 وقام سليمان ديميريل بتشكيل حكومه ائتلافيه مع نجم الدين اربكان ولكنها لم تعمر طويلا وجرت انتخابات فى يونيو1977 اتت بأئتلاف جديد بين ديميرل واربكان ، وفى يناير 1978 تولى حزب الشعب الجمهورى تشكيل الحكومه ولكنها انهارت بعد ان فقد الحزب الاغلبيه فى الانتخابات التكميليه فى اكتوبر 1979 ، نجح فيها حزب العداله بقيادة ديميرل الذى قام تشكيل الحكومه
لقد دخلت تركيا بنهاية السبعينات فى حاله من الفوضى وادى الصراع بين التيار اليسارى وبين العلمانيين وبين المحافظين الى وقوع العديد من الضحايات وعمت الفوضى الشوارع والمدن وانتهى الامر بانقلاب عسكرى فى سبتمبر1980 بقيادة رئيس الاركان كنعان ايفرين الذى احكم قبضته على البلاد ، كان الجيش يرى ان دستور 1961 هو ما سبب الكثير من المشاكل ولذا قام العسكر بتشكيل جمعيه دستوريه مكونه من 160 خبيرا لوضع الدستور الجديد ، وقام ايفرين بتشكيل حكومه يرأسها احد جنرالات الجيش المتقاعدين ، وقد اثارت قرارات ايفرين استياء الكثيرين من الاحزاب والسياسيين وحاولوا افشال عمل لجنة وضع الدستور مما اغضب ايفرين فقرر حل الاحزاب السياسيه ووضع قائمه ضمت 723 سياسيا فرض عليهم الحظر لمدد تتراوح من من خمس الى عشر سنوات وقد شمل الحظر ديميريل واربكان وايجيفيت وصفوة السياسيين ، وقد اصبح كنعان ايفرين رئيسا للجمهوريه ، وفى عام 1982 اعيدت الحياه الحزبيه مره اخرى واجريت انتخابات فى عام 1983 اسفرت عن فوز حزب الوطن الام بقيادة تورجت اوزال ، الذى شهدت تركيا فى عهده تطورا سياسيا واقتصاديا ، اوزال ولد فى عام1927 وينحدر من اصول كرديه حصل على بكالوريوس فى الهندسه الكهربتئيه فى عام1950 من جامعة اسصنبول التقنيه وعمل فى الاداره الحكوميه للطاقه الكهربائيه ثم سافر فى دوره تدريبيه الى الولايات المتحده الامريكيه لمدة عام واحد ، وعمل فى البنك الدولى من عام 1971 الى عام 1973 ، وترأس ادارة عدد من الشركات التركيه حتى عام 1979 ثم عاد للعمل الحكومى نائبا لرئيس الوزراء سليمان ديميرل وبعد انقلاب ايفرين عمل ووزيرا للخارجيه ونائبا لرئيس الورزاء ومسئولا عن الملف الاقتصادى ، وبعد ذلك قام بـتأسيس حزبه الوطن الام ، اوزال بدأ مسيرته السياسيه مع رجل السياسه الاسلامى نجم الدين اربكان فى عام 1971، ويبدوا ان اوزال الذى اعلن اكثر من مره انه علمانيا وملتزم بتوجهات الدوله العلمانيه ، الا انه كان اسلاميا اكثر منه علمانيا ، كان الرجل يؤدى الصلاة علانية وذهب لأداء فريضة الحج ثلاث مرات وتوسعت فى عهده المدارس الدينيه ودخل الاسلاميين مجالات الثقافه والاعلان بـأصدار الصحف واسسوا دورا للنشر ومحطات للاذاعه والتلفزيون واتاح قدر كبير من الحريه للتيارات الاسلاميه ، لدرجة انه اعتقد البعض ان انقلاب العسكريين كأنه وضع من اجل اوزال واعادة الهويه الاسلاميه للدوله العلمانيه ولكن الحقيقه ان الاتجاه العام كان موجها ضد التيار اليسارى خاصة بعد غزو السوفيت لأفغانستان فى نهاية السبيعنات ، وكانت امريكا تشجع التيارات الاسلاميه لمواجهة الغزاه الشيوعيين ، وتركيا التى هى عضو فى حلف الاطلسى ولها عداء تاريخى مع روسيا ، كانت تفضل ان تتاح اكبر قدر ممكن من الحريات للاسلاميين الذين لا يمثلون خطرا على قيم الدوله الكماليه العلمانيه لمواجهة التمدد اليسارى الذى لا يمكن للجيش ان يقبله بأى حال من الاحوال والذى من شأنه ان يجرف تركيا عن موقعها فى حلف الناتو
اقتصاديا احدث اوزال تغييرات جذريه فى تركيا ، وقام بعمل اصلاحات واسعه فى هيكل الدوله الادارى والوظيفى ، واطلق حريات اقتصاديه وسياسيه كبيره لم يشهدها المجتمع التركى من قبل ، وقام برفع الحظر عن سفر المواطنين للخارج وسمح بأنشاء بنوك اسلاميه، ومنح تراخيص كثيره لأنشطه لم يكن يسمح لها بالعمل من قبل ، واستغل الحرب العراقيه الايرانيه لكى تكون تركيا الطريق البرى لنقل البضائع من والى اوربا بسبب ارتفاع كلفة النقل البحرى بسبب الحرب ، وقام ببناء شبكة طرق ممتده فى جميع انحاء البلاد كما تم بناء العديد من محطات توليد الطاقه وخدمات الهاتف والكهرباء والغاز ، وفى عام 1987 تقدمت تركيا رسميا بطلب للانضمام الى الاتحاد الاوربى وفى 31اكتوبر1989 اصبح تورجت اوزال الرئيس الثامن للجمهوريه التركيه وتولى اق بولوط رئاسة الوزراء حتى عام 1991 عندما فار فى الانتخابات البرلمانيه سليمان ديميريل الذى عاد للحياه السياسيه بعد انتهاء مدة الحظر ، واصبح ديميريل رئيس للوزراء بينما رئيس الدوله هو تورجت اوزال الذى كان من سنوات قليله مساعد لديميرل ، ورغم ان الدستور يمنح رئيس الوزراء السلطه الفعليه ، الا ان اوزال استطاع ان يفرض شخصيته وزعاماته وفى ظل وجود سياسى مخضرم مثل سليمان ديميرل
وتوفى تورجت اوزال فى 17 ابريل 1993 وعلى الرغم ما حققه اوزال من انجازات كثيره الا انه بقيت سلبيات مثل بقاء الفساد المستشرى فى الاجهزه الحكوميه وارتفاع معدل التضخم وزيادة البطاله 0
تولى سليمان ديميرل رئاسة الدوله بعد وفاة اوزال وخلفته فى رئاسة الوزراء السيده تانسو تشيلر فى عام 1993، اول امرأه تتولى هذا المنصب الرفيع فى تركيا ، وكان المشهد يبدو غريبا على المجتمع التركى وهو يشاهد امرأه تخوض مغمار السياسه المعقد فى تركيا، وفى عام 1995 انسحب حزب الشعب الجمهورى من الائتلاف الحكومى مع تشيلر مما عرضها للأنهيار
وجاء دور حزب الرفاه الذى فاز فى انتخابات المحليات فى عام1994 وفى الانتخابات العامه 1995 واصبح نجم الدين اربكان رئيسا للوزراء ولكنه قدم استقالته فى يونيو1997 فى انقلاب عسكرى ناعم ، بعد ان قدمت المؤسسه العسكريه لأربكان قائمه من المطالب لمواجهة تنامى الانشطه الدينيه فى البلاد ، لم يكن وصول حزب الرفاه للسلطه يمثل مشكله للمؤسسه العسكريه فقط ولكن ايضا للتيارات العلمانيه التى ترى فى وصول التيارات الاسلاميه للسلطه تقويض لأركان الدوله العلمانيه ، ولكن بالنظر الى المجتمع التركى الذى وضع ثقته فى حزب الرفاه نجد ان المواطن التركى قد اصابه الاحباط من الفساد الحكومى والتدهور الاخلاقى فى المجتمع التركى المحافظ ، ايضا كان نجم الدين اربكان الاب الروحى للاسلام السياسى التركى اكتسب خبره من السنوات الطويله التى تمت محاربته فيها بحل احزابه تاره وتارة اخرى يعتقل الرجل اضافة الى الحظر من العمل السياسى ، وقد اكسبته هذه الاجراءات المتعسفه من قبل المؤسسه العسكريه واليساريين والعلمانيين تعاطفا كثيرا من الشعب التركى ، خاصة ان اربكان استخدم الكثير من الاساليب التى جعلتها قريبا جدا من المواطن العادى مثل المؤسسات الخيريه التى تقدم مساعدات عينيه للطلبه الفقراء واطفال اليتامى والعاطلين ، بعكس النخب السياسيه الاخرى التى كان بينها وبين المواطن العديد من الحواجز
بعد استقالة حكومة اربكان كلف رئيس الجمهوريه ديميريل بتكليف مسعود يلمظ زعيم حزب الوطن الام بتشكيل حكومه ولكنه لم يستمر فى حكومته سوى سنه ونصف ، وجرت انتخابات فى ابريل 1999 حصل فيها بولنت ايجييت على اكثر الاصوات واصبح رئيس للوزراء بعد تشكيل حكومه ائتلافيه مع حزب الوطن الام وحزب الحركه القوميه ، ولقد تمكنت حكومة ايجيفيت من تحقيق نتائج ايجابيه خاصة فى مجال الاصلاح الاقتصادى ، ايضا فى السعى المستمر لتحقيق الحلم التركى بالانضمام للاتحاد الاوربى بعد ان تم اتخاذ قرار فى قمة هلسنكى 1999 بوضع تركيا على قائمة الدول المرشحه لعضوية الاتحاد الاوربى ، فى 5 مايو2000 تم اختيار احمد نجدت سيزار رئيسا للجمهوريه خلفا لديميريل وكان نجدت سيزار رئيسا للمحكمه الدستوريه العليا ، ورغم انه لا يملك خبرات سياسيه سابقه الا ان سيزار استطاع ان يحظى بشعبيه كبيره بعد توليه السلطه ، وسرعان ما حدث صدام بين الرئيس سيزار ورئيس الوزراء ايجيفيت ، وشهدت تركيا ازمه اقتصاديه خانقه اقترضت على اثرها 16 مليار دولار من صندوق النقد الدولى الذى اخضع الحكومه لشروط قاسيه ، منها خصخصة مؤسسات وبنوك تابعه للدوله ، وتسريح الالاف من العمال وفرض سياسه تقشفيه انعكست على كافة قطاعات الدوله ، وقد شهدت الساحه السياسيه مزيدا من التوتر خاصة بعد الاعلان عن مرض ايجيفت فى مايو وقد بلغ من العمر الثامنى والسبعين وبدأ يعانى من امراض الشييخوخه وفى نوفمبر 2002 تمت الدعوه لأجراء انتخابات عامه بدأ معها عهد حزب العداله والتنميه ورجب طيب اردوغان
فى يناير 1998 اصدرت المحكمه الدستوريه بحل حزب الرفاه وفرض حظر على زعيمه اربكان لمدة خمس سنوات من العمل السياسى ، وقبيل هذا التاريخ كانت قد قامت مجموعه من اعضاء حزب الرفاه بتأسيس حزب الفضيله فى ديسمبر1997 ، وكانت خطوه استباقيه حيث كان من المتوقع حل حزب الرفاه بعد اجبار اربكان على الاستقاله من رئاسة الحكومه ، وقد اصبح لحزب الفضيله 144 نائبا للبرلمان وهم فى الحقيقه كلهم من اعضاء حزب الرفاه المنحل ، وعلى الرغم من ان حزب الفضيله ولد من رحم الرفاه ، الا ان سياسة الفضيله اختلفت كثيرا عن الرفاه وادبيات اربكان السياسيه ، لقد اعلن الفضيله تأييده مسعى تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الاوربى وهو ما كان يتجاهله الرفاه ، تم الاهتمام بعضوية المرأه مع السماه لها بتولى مناصب قياديه فى الحزب ، تم النظر الى حقوق الانسان والحريات الفرديه على انها من اسس الديمقراطيه وليس من وجهة نظر اسلاميه ، لقد بدا ان حزب الفضيله استوعب دروس الماضى ويحاول ان يبتعد بقدر الامكان من الصدام مع المؤسسه العسكريه والتيارات العلمانيه ، حصل الحزب فى انتخابات1999 على 15% من اصوات الناخبين وهى نسبه اقل من التى حصل عليها الرفاه فى انتخابات 1995 ، وبدأ داخل الحزب صراع بين التيار المحافظ والتيار الاصلاحى بقيادة عبدالله جول ورجب طيب اردوغان وانتهى هذا الصراع بأن اعلن التيار الاصلاحى عن تأسيس حزب جديد فى اغسطس2001 بأسم العداله والتنميه بقيادة رجب طيب اردوغان عمدة اسطنبول السابق
اردوغان المولود فى عام 1954 لعائله بسيطه فى اسطنبول ، حصل على شهادته الجامعيه من جامعة مرمره فى ادارة الاعمال وقد التحق بعمل فى احدى شركات القطاع الخاص ، وقد بدأ نشاطه السياسى فى الاحزاب التى كان يؤسسها نجم الدين اربكان وظل يدور فى فلكها ، وقد بدأت مسيرة صعوده السياسى مع حزب الرفاه ليصبح من اهم قيادته ‘ وفى انتخابات المحليات فى عام 1994 اصبح اردوغان عمدة لمدينة اسطنبول وقد حظى بشعبيه كبيره خلال توليه ادارة المدينه الاكبر فى تركيا وقد حقق اردوغان نجاح كبير فى الاداره للبلده العتيقه فى تركيا وحول عجزها المالى الى فائض تستفيد منه المدن الاخرى ، وقام بأنشاء موقع الكتروني للمدينه لتلقى شكاوى المواطنين واهتم بالحدائق وزيادة المساحات الخضراء ونظافة المدينه
وقد اعلن ادروغان عند تأسيس حزبه ان هذا الحزب جاء لمحاربة الجوع والفقر فى تركيا وان تركيا تستحق مكانه افضل مما هى به الان ، وان الحزب يؤيد عضوية تركيا فى الاتحاد الاوربى ، ايضا سيحافظ الحزب على مبادىء الدوله التركيه الكماليه العلمانيه وانه لا مساس بالمبادىء التى وضعها مصطفى كمال اتاتورك ، وان الحزب ينظر الى الدين كأهم المؤسسات الانسانيه على الاطلاق ، وكان يبدو من طرح افكار وفلسفة الحزب انه يتخذ مسارا وسطيا توافقيا معتدلا ، وكأن حزب العداله والتنميه جاء فى الوقت المناسب وان تركيا كانت فى انتظاره ، فلقد كانت الساحه السياسيه بما فيها من احزاب وسياسيين مخضرمين فى حالة افلاس سياسى بعد ان ضاق بهم ذرعا المواطن التركى ، كان يوجد فراغ كبير فى الساحه السياسيه يحتاج لمن يملؤه وهذا ما عبرت عنه صناديق الانتخابات فى 3نوفمبر2002 عندما اعطى 34% من الناخبين اصواتهم للعداله والتنميه ، وفى مارس 2003 اصبح رجب طيب اردوغان رئيسا للوزراء كما اصبح فيما بعد صديقه عبدالله غول رئيسا للجمهوريه فى اغسطس2007 ، وفى عهد اردوغان شهدت تركيا تغيرا كبيرا طرأ على سياستها الخارجيه وشهد الاقتصاد تحسنا ملحوظا وبدأ يشهد المجتمع التركى استقرارا لم يشهده لعقود طويله
طوال 50 عاما مضت لم يشهد الاتراك اى استقرار سياسى او اقتصادى او اجتماعى بدءا من الانقلاب العسكرى فى عام1960 ثم انقلاب 1971 ثم الغزو التركى لقبرص فى عام 1974 ثم الانقلاب العسكرى الاخير فى عام1981 ثم الحرب مع حزب العمال الكردستانى بقيادة عبدالله اوجلان فى الثمانينات والتسعينات بالاضافه الى حروب دول الجوار الحرب الايرانيه العراقيه ثم حرب الخليج الثانيه ثم الغزو الامريكى للعراق ، لم تنل تركيا اى قسط من الراحه والهدوء لسنوات طويله ، رغم كل الازمات التى كانت تشهدها تركيا كام هناك حلم الانضمام للاتحاد الاوربى بعد ان تقدمت تركيا رسميا للانضمام للاتحاد فى عهد اوزال فى عام1987 ، لقد بذلت تركيا الكثير من الجهد لكى ترضى الاوربيين وتقنعهم بجدارتها بعضوية الاتحاد الاوربى وفى الفتره من اكتوبر 2003 الى اكتوبر2004 اقر البرلمان التركى 261 قانونا جديد ذا صله بتأهيل تركيا للانضمام للاتحاد الاوربى وهو ما لم يحدث بعد ان ضم الاتحاد الاوربى عشرة دول جديده للاتحاد ليس من ضمنها تركيا ، وقد صبت تركيا جام غضبها على الاوربيين ، اذ ضم الاتحاد الاوربى الى عضويته دول مثل لاتفيا و لاتونيا وسلوفاكيا وهى دول حديثة العهد بالديمقراطيه واقتصاديات السوق ولم تقدم هذه الدول اية جهود للاوربيين مقارنة بما قدمته تركيا خاصة من الناحيه الامنيه وانضمامها لشمال الاطلسى فى عام 1952، رغم الوعود الاوربيه المتكرره لتركيا بالنظر فى جدية انضمامها للاتحاد الاوربى ، الا ان كلا الطرفين يعرفون جيدا مدى صعوبة ذلك ، لو قلنا اوربا يجب ان نقول اوربا المسيحيه ولو قلنا تركيا يجب ان نقول تركيا الاسلاميه ، هذه حقيقه يجب الاعتراف بها ولا يجب اغفال ان اوربا لا تريد زرع دوله اسلاميه وسط محيطها المسيحى ايضا لا تريد اوربا ان يكون لها حدود مع ايران وسوريا والعراق فى حال انضمام تركيا للاتحاد الاوربى ، ربما تكون تركيا فى افضل حالاتها للانضمام للاتحاد الاوربى ومستوفاه للكثير من معايير كوبنهاجن ولكن سوف يتردد الاوربيين ملايين المرات قبل الموافقه ، مازال الاوربيين ينظرون الى تركيا على انها دوله شرقيه بالرغم من ان اجزاء من الاراضى التركيه ضمن حدود القاره الاوربيه ، الا انهم ما زالوا فى نظر الاوربيين اغراب عن هذه القاره
وقد فهم رجب طيب اردوغان صعوبة انضمام تركيا للاتحاد الاوربى ورغم انه مازال يتمسك بأمل الشعب التركى الطامح فى الانضمام للاتحاد الاوربى ، الا ان اردوغان انصرف عن اوربا واستعاد امجاد الماضى ، واستحضر روح الامبراطوريه العثمانيه واصبحت تركيا حاضره بقوه فى العالم الاسلامى والعالم العربى ، وقد كان اردوغان سياسيا بارعا عندما حلق بتركيا بعيدا عن سماء اوربا وتغلغل داخل اجواء الشرق الاوسط ، وكأنه عاد بالامبراطوريه العثمانيه من الماضى السحيق ، ونجده كثيرا ما يردد نحن احفاد العثمانيين ، وكأنها رسائل يبعث بها الى اوربا يقول فيها سنصبح اقوياء مجددا وانتم من سيجرى خلفنا
لقد جعل اردوغان من تركيا قوه لا يستهان بها ولذلك لا غرابه ان نجد حزبه الذى حصل فى انتخابات 2002 على 34% من الاصوات زادت الى 47% فى انتخابات 2007 وزادت فى انتخابات2011 الى 49% واعيد انتخابه ثلاث مرات متتاليه رئيسا للوزراء ، لقد وضع الرجل تركيا فى مكانه مرموقه دوليا وما كان الاتراك يحلمون بهذه المكانه يوما ما حتى لو كان تحقق حلمهم بأنضمامهم للاتحاد الاوربى ، لقد استطاع اردوغان ترويض المؤسسه العسكريه التى طالما احكمت قبضتها على البلاد منذ عهد اتاتورك واصبحت السياسه هى التى تحكم العسكريين وليس العكس ولم يعد للعسكريين حصانه كما كان من قبل واصبحوا يخضعون للمحاكمات مثل رئيس اركان الجيش السابق الكر باشبوغ الذى يحاكم بتهمة التخطيط للاطاحه بالحكومه ، ولعل ساعد اردوغان فى احكام قبضته على المؤسسه العسكريه المناخ الدولى الذى لم يعد يقبل بفكرة الانقلابات العسكريه وتدخل شئون العسكر فى الحكم المدنى ، ايضا الرغبه الشديده لدى الاتراك فى تحقيق حلمهم بالانضمام للاتحاد الاوربى جعل الجيش التركى يقبل بتحجيم دوره فى السياسه التركيه انسجاما مع معايير كوبنهاجن ، ايضا استطاع اردوغان ان يواجه ما تسمى الدوله العميقه ومنظمة ارجنكون وهم سلسله طويله من الفساد وغسيل الاموال وتجارة المخدارات ومافيا وامبراطوريات اعلاميه ومؤسسات حكوميه وعسكريه ، وهؤلاء ما كانت الساحه السياسيه تتسع لهم مع حزب العداله والتمنيه وكان لابد لطرف من ان يزيح الاخر واستطاع اردوغان ازاحتهم بعد ان تحكموا طويلا فى الدوله ، اما الدستور فيجرى الاعداد لأصدار دستور جديد بدلا من الذى وضعه كنعان ايفرين عقب انقلاب 1980 والهدف المعلن هو وضع نص اكثر بساطه وديمقراطيه يحترم الحريات الاساسيه والاقليات ولاسيما الاقليه الكرديه ، ولكن سيبقى رغم انف حزب العداله والتنميه واردوغان دستور تركيا هو دستور الدوله التركيه القوميه العلمانيه الكماليه ، وذات مره اعلن اربكان ان مصطفى كمال لو كان حيا لانضم الى حزب الرفاه لأنه الحزب العلمانى الحقيقى فى البلاد ، ايضا كثيرا ما يردد اردوغان ان تركيا دوله علمانيه وستبقى علمانيه ، ربما لأنه يعرف ان هذه العلمانيه لم تستطيع محو الهويه الاسلاميه بل على العكس اتسعت هذه الهويه وتمددت فى ظل هذه العلمانيه فلا خوف اذا من هذه العلمانيه بل انه من المفيد الاعلان دائما من حين لاخر ان تركيا دوله علمانيه ، لقد بلغ اردوغان من الذكاء ما جعله ان يفعل ما لم يستطع ان يفعله استاذه اربكان ويتفوق عليه 0
مقارنة بين تركيا ومصر ، نجد ان تركيا تحولت من الجمود الى المرونه ، بعكس مصر التى تحولت من المرونه فى النصف الاول من القرن العسشرين الى الجمود فى النصف الثانى ، تركيا منذ اسسها اتاتورك و طوال ثمانون عاما مرت بالكثير من التجارب دفعت فيها ثمنا باهظا ولكنها فى النهايه استفادت كثيرا من هذا التجارب واستوعبت دروس الماضى جيدا ، مصر طوال مائة عام مضت مرت فيهم بتجارب اكثر من تركيا كفيله بأن تجعل لديها رصيد ضخم نستفد منه وهو ما لم يحدث ، تركيا لديها الطموح لأن تكون قوه عظمى وتستعيد امجاد الماضى وربما كان الانضمام للاتحاد الاوربى كان احد ركائز هذا الطموح ولكن يمكن القول ان تركيا تخطت الحلم الاوربى واصبح الاتراك يرون انفسهم اكبر من هذا الحلم ، فى حين نرى مصر لا طموح لها بعد ان انكفت على نفسها فى السنوات الاخيره وتراجع دورها العربى والافريقى والاسلامى بشكل كبير وحتى بعد ثورة 25 يناير لا توجد خطه طموحه لأن تستعيد مصر مكانتها بعد ان تفاقمت مشاكلها الداخليه ومزقتها الخلافات السياسيه ، بقى ان نشير الى ان تركيا بالرغم من انها تعانى الكثير من الازمات ولكن اصبح لديها رصيد يكفى لأن تتغلب على ازماتها ويكفى ان ننظر الى المجتمع التركى الذى من المفترض انه يعانى من ازمة هويه ، فهى دوله علمانيه بينما يحكمها التيار الاسلامى و3% فقط من ارضها تقع فى اوربا والباقى97% يقع فى اسيا ولكنها تعتبر نفسها جزء من اوربا ، وبالرغم من هذا لا نجد هذا التناقض فى هويتها الشرقيه والاسلاميه وكأنهم لا يهتمون بالشكل او الاطار بقدر ما يهتمون عما بداخله ، فى حين ان مصر تتأرج فى هويتها التى من المفترض انها محددة المعالم ولا مبالغه ان قلنا ان مصر تعانى من ازمة وجود سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ، فى تركيا الفتاه المتحرره التى ترتدى تنوره قصيره تعطى صوتها لحزب العداله والتنميه بينما فى مصر الفتاه المحافظه المحجبه تتخوف من التيار الاسلامى
الفروق شاسعه بيننا وبين تركيا لمن يتصور ان النموذج التركى هو الامثل لتطبيقه فى مصر ، فالعبره ليست نقل تجربة دوله او اقتباس نموذج سياسى بقدر ما هو انه يجب ان نتعرف على انفسنا اولا ونتلفت حولنا ونستدعى ماضينا ثم نحدد هدف نسعى اليه
الغريب فى الامر انه عندما اندلعت احتجاجات ميدان تقسيم فى بداية شهر يونيو 2013 ضد اردوغان ، هللت الكثير من القوى السياسيه اليساريه والليبراليه فى مصر على اعتبار ان تركيا اصابتها عدوى محاربة التيارات الاسلاميه السياسيه كما هو الحال فى مصر وان ميدان تقسيم يستنسخ ما يحدث فى ميدان التحرير ، ولكن لا غرابة فى ذلك مع ما اعتدنا ان نشاهده من سذاجه وبلاهه من بعض الساسه المصريين الذين اصابهم العمى لدرجه انهم اصبحو لا يفرقوا بين دوله مثل تركيا تقوم بأقراض صندوق النقد الدولى وبين دوله مثل مصر تطرق الكثير من ابواب الدول لتسول المال واصبحت على حافة الافلاس ، لقد استنزفنا الكثير من الوقت ولم نستفد من تجارب الاخرين ، بل اننا لم نستفد من تجاربنا ويمكن القول اننا وصلنا الى نقطة اللاعوده وعلينا ان نتذكر مقولة على بن ابى طالب كرم الله وجهه " الناس نيام فإذا ماتو استيقظو "