سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
كُتب بواسطة: عبد الواحد بنعضرا، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 3036 مرة، منذ تاريخ نشره في 2013/10/25
أعادتني مقالات المبدع الأستاذ مصطفى لغتيري حول الأدب، والتي جمعها في كتيب بعنوان: "تأملات في حرفة الأدب"، والذي صدر هذا العام، أعادتني إلى تلك اللقاءات التي كانت مقهى "فضاء بلادي" مسرحا لها، والتي جمعتني بالأستاذ الصديق المصطفى الدقاري صدفة أوّل الأمر، ثم بالأستاذ الصديق مصطفى لغتيري، مرورا باللقاء الذي جمع بين لغتيري والسحباني وسيّره الدقاري، تتويجا بالصالون الأدبي الذي كان ينعقد كل سبت بفضاء المقهى، قبل أن يشد الرحال إلى نادي الهمذاني؛ حيث فقد بريقه...وكانت فرصة لي لأتشرب معنى فن القصة القصيرة على الخصوص...ا
على أي حال أتذكر أن أول شيء قاله لي الدقاري، وكان حينها بصدد إعداد أطروحته لنيل الدكتوراه، وكانت في نقد النقد، وكان أيضا يستغل بعض الأوقات لمراجعة بعض الأعمال الأدبية بطلب من أصحابها.. وقد كان يقاسمني ملاحظاته حول هذه الأعمال، ويشرح لي أين تكمن بعض الأخطاء التي يرتكبها القصاص الجدد... فكان أن قال كأول ملاحظة: إن راوي القصة هو عبارة عن حامل لكاميرا يرصد الخارج ولا يستطيع أن يتحدث عن دواخل الآخرين... يقول لغتيري بهذا الصدد: "يتعين على القاص أن يوظف جميع حواسه، فلا ينسى أبدا أن له عينا تلتقط المشاهد، وأذنا تصغي لسمفونية الأصوات التي تطوقه، وحاسة لمس يمكن استغلالها (...) إذا وظف القاص حواسه أثناء الكتابة، استطاع بحق أن يجسد الأحداث، وأن يمنحنا ــ في المحصلة النهائية ــ قصة ناجحة" (ص. 18).. وحاولتُ تطبيق هذا الأمر بدرجات، وإن كنت أحسب أن التزامي به بلغ قمته في قصة "شمعة ورقعة"... ا
ولأن راوي القصة يحمل كاميرا فإنه يلتقط لقطات سريعة، من هنا ضرورة أن تكون الجمل مختصرة وصغيرة جدا خالية من الروابط كما قال لي الصديق الدقاري، وبالفعل هذا ما حرصت عليه حين كتبت أول قصة منشورة لي سنة 2005 بعنوان "رقصة الغزال" (بأسبوعية "البيضاوي")، كانت الجمل قصيرة جدا... قصر الجمل يستدعي طبعا اختيار كلمات ذات حمولة خاصة تكثف المعنى: "إن الإبداع في اللغة ــ يقول لغتيري ــ يتحقق حينما تكون هذه الأخيرة رشيقة، خفيفة، موضوعية وصادمة، تستغل إمكانات التقديم والتأخير، خاصة في ما يتعلق بعمدة الجملة وفضلتها، والتخفف من الزوائد قدر المستطاع. وتحتاط من الإفراط في استخدام الروابط إلا بما يخدم الهدف، وتنحى منحى القصر، لا تتمدد طولا، حتى لا تنهك النص والقارئ، كما أنها تسعى جاهدة نحو تحقيق درجة من التكثيف، بحيث تكون مكتنزة ومتوترة" (ص. 25 – 26).. كل هذا يجعل القصة تتخلص من "الغنائية" ومن تدفق المشاعر الذي لا يخدم العمل غالبا: يقول لغتيري: "وفي رأيي أن الكتابة بالألم أسوأ أنواع الكتابة، لأنها تعني فقط أن الكاتب يستدر عطف القارئ من خلال لجوئه إلى هذا النوع من الكتابة، الذي غالبا ما يحفز الكاتب على إطلاق العنان لعواطفه، مما يورطه في البوح، الذي قد لا يفيد كثيرا في خلق نصوص تتمتع بحد أدنى من الحياد والموضوعية، فتضيع نتيجة لذلك الكتابة ولا يظفر القارئ إلا بحزمة من الأحزان والشكاوي، التي لا تفيده في شيء. في الوقت الذي ينتظر فيه من الكاتب أن يثري تجربته وشخصيته بفتح عينيه عن إمكانات جديدة وخبرات مكتسبة، قد تمتعه وتفيده في الآن ذاته" (ص. 28)...ا
حمل الكاميرا إذن يستدعي تجسيد المشاعر، ذات مرة نبّهني الدقاري أنه عندما تريد أن تعبّر عن أستاذة جميلة، وكنتُ قد أريته مسودة لروايتي الأولى وبالمناسبة أسهمت ملاحظات الدقاري في ابتعادي عن الرواية وتحولي نحو القصة، قال لي أن تقول لي الأستاذة جميلة هذا وصف ليس فيه إبداع، عليك أن تجعلني أقتنع بأنها جميلة، مثلا بعض الممارسات والعادات التي يقوم بها التلاميذ في مؤخرة القسم... إلخ، وهو ما عبر عنه لغتيري بشكل جميل في الكتاب كالآتي: "تصوروا معي أن هناك فيلما تم عرضه في السينما أو في التلفزيون، يقدم لنا في لحظة ما شخصية معينة، ثم يتوقف الفيلم ليظهر المخرج ويخبرنا بأن الشخصية حزينة، فكيف سيكون رد فعلنا، طبعا لن نقبل ذلك وسنستهجنه... هذا بالضبط ما يقوم به بعض الكتاب حين يقررون حالة ما، دون أن يقدموها لنا ممسرحة بكلمات، ويتركوا لنا فرصة اكتشافها بأنفسنا"(ص. 19- 20)... وهذا ما يستدعي القاص كي يمتح من الواقع، فكلما كان عمله مستمدا من الواقع كان أقرب إلى الوصول إلى الإقناع شرط أن يؤطر بخيال خصب، فكثيرا ما كنت أحظى بفرصة ذهبية في المقهى حين كنت أجد لغتيري يسوّد رواية جديدة كان أحيانا يقرأ علي أجزاء منها ونناقشها، وكان من الملاحظات التي يثيرها لغتيري افتقار الرواية المغربية للخيال، إذ أن غالب الروايات هي من واقع مؤلفيها دون أن يكون هناك ابتكار في إعادة صياغة مشاهد الحياة تلك، وهذا ما كان لغتيري يحاول تفاديه، إذ حاول الجمع بين الحسنيين وقد أقرّ بذلك في كتابه، وزاد موضحا: "القصة الناجحة في رأيي هي تلك التي تقف على أرضية صلبة، تدعمها الوقائع الحية، التي يحياها الكاتب، مؤطرة بوعي عميق، لا ينبهر بالقشور، أعني الوقائع كما تقدم نفسها، بل لا بد له من الانتباه إلى العلاقات الخفية، التي تربط بين هذه الوقائع، والكشف ــ بالتالي ــ عن أسبابها ونتائجها، بشكل فني، يميل إلى التلميح بدل التصريح. أكاد أزعم أن كل قصة كتبتها، تذكرني بواقعة ما عشتها أو كنت شاهدا عليها أو سمعتها من شخص ما..." (ص. 48 – 49).. وعلى الوقائع كما أسلفنا أن تُنسج في ثوب قشيب من الخيال، يؤكد لغتيري: "بيد أن ذلك لا يكون أبدا كافيا، فالقاص لا يصور الوقائع كما هي، بل يمررها من منخال الآلة الإبداعية الغامضة، فيختار هذا الحدث دون غيره، ويتوقف عند هذه الشخصية دون سواها، ثم يضيف عليها من شطحات الخيال ما يلائمها، حتى تكتسي بالمعنى، أي تصبح نصا إبداعيا يستحق أن يحمل هذه الصفة" (ص. 48).ا
حمل الكاميرا إذن لالتقاط المشاهد يجعل القصة تتخفف من حجرة سيزيف أي من الغرق في الإديولوجية على حساب انسحاق الفرد كما يفعل البعض، من هنا نجد لغتيري يقول: "والأكيد أن المضامين الكبرى وحدها لا تخلق أدبا كبيرا، ولعل الاعتقاد بقيمة المضامين من مخلفات النظرة الإديولوجية للأدب" (ص. 23). ومن هنا ذلك الاهتمام الباذخ بالتفاصيل اليومية والتي تشكل مخزونا مشتركا مع بني الإنسان في ضعف الإنسان وآلامه آماله، يؤكد لغتيري: "حين أقرأ نصا ما وأجد بين طياته ما يوحي باستفادة الكاتب من حياته الواقعية، أشعر بأصالة هذا النص وقوته، لأن الكاتب إذا لم يسلك هذا السبيل، سيجد نفسه ــ حتما ــ منجرفا نحو مقروئه، لشكل نصه القصصي، وهنا سيجد نفسه، شاء أم أبى، يجتر تجارب الآخرين ورؤاهم. لكي يكون الكاتب متميزا عن باقي زملائه عليه أن ينطلق من معيشه اليومي، لأن هذا المعيش لا يشترك معه فيه غيره من الكتاب" (ص. 49)، تلك التفاصيل الصغيرة التي قد يحقرها الإنسان قد تخلق أدبا باذخا.ا
ما سبق يطرح سؤالا عن الوسائل التي يتوسل بها المؤلف كي يلتزم بما سبق، وهذا يعني الحديث عن تقنيات الكتابة، ومن بينها تقنية الحوار، يوضح لغتيري: "يعد الحوار من أهم مكونات الأسلوب القصصي، لكن الكثير من القصاصين يهملونه للأسف، رغم أهميته ومحوريته في العمل القصصي، فالحوار يحقق الكثير من الأهداف القريبة والبعيدة، ففضلا عن التنويع داخل النص الوحيد، حتى لا يسقط القاص في مطب الكتابة على وتيرة واحدة، فهو كذلك يسمح لنا بالإصغاء إلى الشخوص مباشرة، لنسمع وجهة نظرها، دون أن ينوب عنها السارد في فعل ذلك، ولا تخفى أهمية هذا الأمر في تحقيق حياد الكاتب والسارد معا" (ص. 41)، هذه النقطة الأخيرة سبق للناقدة يمنى عيد أن أكدت عليها بقوة في كتابها: "الراوي: الموقع والشكل"، وهي هنا لا تتحدث عن التبئير بل عن الموقع الأديولوجي مشيرة إلى أن تعدد الأصوات حقيقة في العمل الأدبي يعكس مدى تشرب المؤلف بالديمقراطية...ا
بقي أن أضيف إلى ما ذكره الأستاذ لغتيري، بعض النقط وهي من بديهيات العمل القصصي أن القصة هي لحظة زمنية صغيرة، وهذا كنت أناقشه مع لغتيري إذ سبق له أن أكّد لي أن القصة يجب أن تكون محدودة الشخوص والأحداث وأن لا تكون متشابكة فهذا يصلح للرواية ولا يصلح للقصة.... فشخصين أو ثلاث كاف للحدث الذي تعالجه القصة في مشاهد صغيرة وقصيرة... أما عن بعض التقنيات، فهناك أنواع من التحايلات التي يقوم بها المؤلف من أجل البقاء وفيا لمفهوم القصة القصيرة في حال تعقدت وتشابكت الأحداث كاللجوء إلى تداخل الأزمنة السردية على سبيل المثال... تقنية الرنامج السردي في بداية القصة، كما كان يفعل محمد زفزاف، وشخصيا حاولت استثمار هذا الأمر في قصتي"تدلى من النافذة وسقط".. ومن التقنيات الأصيلة الوصف، غير أن القاص يعمد إلى وصف الشخوص مع توالي الأحداث أي انه يبني شخوصه مع تقدم السرد... كما أنه بإمكان القاص مع اغتناء تجربته واطلاعه اللجوء إلى استثمار تقنيات أخرى بما فيها التقنية السينمائية أو المسرحية، وعلى سبيل المثال عملتُ على الاستفادة من مسرحيات "بيتر شافر" في استفادته من التقنيات السينمائية ومن علم النفس التحليلي في قصتي "مرآة قبل أن..."... على العموم هذا مجال شاسع وهو ميدان المغامرة الإبداعية بامتياز.. بما في ذلك كيفية اللعب بالأضواء وفضاء الورقة... إلخ
أما بخصوص الملاحظات التي يمكن أن أسجلها:ا
ا1ــ فهي تتعلق أوّلا بالقصاص المبتدئين، أظن من المفيد أن يطلقوا العنان لقلمهم حتى لو جاء عملهم دفقا من الأحاسيس على حساب القيمة الفنية للعمل، لأن الممارسة في حدّ ذاتها مفيدة، ثم إن القاص المبتدئ يكتسب دربة ومراسا مع توالي الكتابة عدا أنه يحسّن لغته وهذا الأمر، بالتجربة، يكتسب في البداية من خلال الكتابات العاطفية... فضلا عن أن القاص قد يخط لنفسه تحربته الخاصة التي تأتي مغايرة للموجود وهذا شيء مستحب.. أتذكر هنا أن أدونيس بدأ كتاباته بالطريقة العمودية التقليدية في الشعر قبل أن يصير إلى ما صار إليه اليوم
ا2ــ يمكن اعتبار كتاب "تأملات في حرفة الأدب" مانيفستو الكتابة الأدبية الحديثة في المغرب، فضلا عن الأسلوب الذي كتب به وهو أسلوب السهل الممتنع، بمعنى استعمال أحدث النظريات دون الكشف عنها.. عندما نشر لغتيري أول مقالة من هذه التأملات، قلت له إنك هنا متأثر بأسلوب عبد الفتاح كيليطو، فردّ علي بأنه هنا أكثر تأثيرا بأسلوب القاص والناقد بوزفور.. وهو أسلوب جذاب يساعد غير المختص على إتمام العمل دون أن يخل ذلك بجدية العمل، ودون أن ينفّر القارئ وهو ما لا ينتبه إليه الكثيرون، سواء من النقاد أو من المبدعين
ا3ــ عموما يمكن القول أن هذا الكتيب يلبي حاجة ملحة لمثل هذه الأنواع من الكتابات، سواء بالنسبة للقصاص المبتدئين أو حتى المحترفين، بل وعموم المهتمين بالأدب العربي عامة والمغربي خاصة.. ومن المتوقع أن يثير نقاشا كبيرا خاصة أن كثيرا من القضايا التي طرحها ما تزال الأجابات عنها عالقة.
عبد الواحد بنعضرا
الخميس 17 أكتوبر 2013