الوكالة العربية للصحافة أپاپريس - Apapress
مقالات
أفكار و تحاليل الفاهم يفهم أو أسرار التوازنات المحلية والدولية في منطقة تهدد بانفجار أَعمَّ وتَسارُع الأحداث لحد البأس
إننا لا نصغي
كيف نقلع ونحن لا نستمع لبعضنا وإن فعلنا فاللنقد الغير البناء ولإحباط العزائم. نخطب فنختار أقل الكلمات استعمالا وأقلها دقة وأعقد التراكيب وأبعدها على الفهم. نفخم أصواتنا ونرفعها وكأن بلاغةَ الحجة في علوها وبيانَها في الصخب من حولها بينما يتقدم غيرنا بجعل الإنصات الدقيق جوهر سياساتهم والرافد الأول لأهم قراراتهم يُطْبِقون لما يتحدث الصديق والخصم ولا يجيبون حتى يعون المعاني ويحسبون لما يترتب عليها.
ما هو ليس من حق السياسي
أياً كان انتماء السياسي وأياً كان مستوى تدخله محلياً أو دولياً فهنالك خطوط حمراء لا يمكنه أن يتجاوزها وقيم ومكتسبات لن يُسمح له أن يتجاهلها وبالأحرى أن يمسها سواءً اختار أن يسمي نفسه يسارياً أو يمينياً أو وسطياً أو ليبرالياً أو اشتراكياً أو دمقراطياً أو إسلاميًا أو مسيحياً أو يهودياً أو مجوسياً. هذه القيم ترفض الخضوع للتناقضات الآنية والتاريخية التي تضع هذه التسميات ومرجعياتها وما توحي به في خنادق متعارضة يُدفع الإنسان أن يُقتل ويَقتل دونها ومن أجلها وهو لا علم له بما تخفيه من مصالح ولا علاقة لها بحياته اليومية وعلاقاته بجيرانه وبأصدقائه وبزبنائه وبما يريد أن يتذكره وما يريد أن ينساه وبأين يريد أن يذهب ومن يريد أن يزوره في بيته وبمن يفضل أن يراقصه وأن يلعب معه وأن يداعبه ومن يريد أن يشاركه طعامه وشرابه ويكون رفيق طريقه وجليسه في مجالس علمه وطربه ومن يريد أن يساعده في بناء معبده ويحافظ على عرضه وأن يسعد بوجوده جنبه ويضره بُعْده. لا يهم السياسي أن يعرف أياً من هذا ولا يحق له أن يتدخل فيه كما لا حق له في أن يجعل ما يفضله هو من هذا مرجعاً لكل الناس يفرضه بخطاب يغلفه بضباب الهوية والمصلحة العامة والتاريخ المشترك والمتضارب لما يكون همه وهدفه هو تكريس سلطته وهيمنته ومصالحه الخاصة ومصالح فئته الاجتماعية والاقتصادية وأحياناً امتيازاته القطرية أو القبلية أو العرقية أو الدينية !
الواقع اللولبي
سيعودون فهل سنعود إن عادوا؟ هل هنالك أخذ بلا عطاء ؟ هل سنتعلم صياغة الأسئلة الصحيحة وكيف نطرحها وهل سنتعلم كيف لا ننتظر الأجوبة إلى ما لا نهاية وكيف نقطفها حيث تكون أو سنبقى ننحني للخوف والترهيب ونشرب ما نُسقى ولا نتعلم أن لا نهان وأن نجعل كرامتنا فوق الحياة نفسها ؟.
ما نعلمه ولا نشك فيه
نعلم علم اليقين أن النصر في السياسة لا يكون دون هزيمة وأن حالة رابح-رابح خرافة لا تنطوي على صبي ووهم سياسي لا يصدقه عاقل ! كما نعلم علم اليقين أن القوي لا يبحث على حلول سلمية وهو قادر على أخذ ما يريده غَلَبةً وأن التنازل المتبادل لا يعني إلا عجزَ قوِيٍّ وأنه لا يتآلب حلفاء أقوياء على غريم إلا خوفاً مما قد ينالهم منه ولمَّا يروا منه ما يريعهم. إن ما يسمى بمؤتمرات الصلح في قاموس السياسة الدولية ليس إلا اعتراف البعض بنصر البعض أو باستحالة هزمه أو بالخوف مما قد يحصل لهم منه. يمكن الاختباء وراء اللغة والكلمات لكن لم تكن هنالك في التاريخ قط حرب انتهت بتعادل المتحاربين أو بتنازلات قوي منتصر. لكن التاريخ سجل هزائم قدِّمت للناس وكأنها انتصارات أو كأنها حالة من حالات الكرم والعفو عند المقدرة كما سجل توقيف حروب بتوافق مصالح كبرى أكثرَ تأثيرٍ من تلك التي ابتدأت من أجلها فبدت للناس وكأنها انتهت بحكمة قادة أو دهاء مفاوضين وبصيرة سياسيين !
ما نعلمه ولا نعرف كيف نتعامل معه
سنبقى نستمع لتفاسير أسباب إشكاليات التنمية وإكراهات الأزمات المالية والاقتصادية المتتالية ونتحمل السياسات التصحيحية التي لا تحد من غنى الأغنياء وثرائهم ولا من فقر الفقراء وبؤسهم وجهل الأميين وإقصاءهم وهيمنة المهيمنين وستتوالى علينا الحكومات المزركشة والمرقعة وسندعن لقراراتها وميزانياتها التي لا تحد من البطالة ولا تجيب على الأسئلة لا القديمة ولا الجديدة ولا تحل المشاكل التي تسببت فيها سابقاتها التي لا تختلف عليها في شيئ ولو تعبت في التلاعب بالكلمات وعادات حلق الأذقان والشوارب لتقنعنا بخلاف ذالك تؤخر ما تريده وتقدم ما تهواه والأمور تهدد بالانفلات من بين يديها كما ينفلت الرمل من بين أصابع متعب أرهقه النوم فنقض وضوؤه.
نعترف أننا قد نكون ألفنا البطء واعتدنا أن تبقى أمورنا الأساسية معلقة لا تؤلمنا كما كانت قبل سنين طوابير آلاف المطالبين بحقوقهم المختلفة والمتعددة أمام البرلمان ومجلس حقوق الإنسان بعاصمة المملكة وبشوارع مدنها الكبيرة والصغيرة ولا تشد اهتمامنا البيانات السياسية والبلاغات الصحفية الاحتجاجية والمطلبية التي تصدرها الهيئات النقابية والثقافية والشبابية ولا تهزنا القراءات الشعرية والأغاني الثورية التي كانت توقف الشعر في رؤوسنا ويفور لها الدم في عروقنا ؛ ربما أصبحنا نخاف من التغيير الذي نعتقد أنه مشروع والذي طالما نادينا به وأننا مذنبين وشركاء فيما يحدث لنا ولربما لذلك لا نصغي لبعضنا ونرفع أصواتنا لتغطي على أصوات الآخرين ونعَقِّد كتاباتنا ونطيلها حتى لا يقرأها أحد ونطمئن أنفسنا بأننا أدينا واجبنا وصرخنا بالحقيقة وكتبناها !
قالوا العولمة هي سر ما آلت له أمورنا أتت على الاقتصاد والمال والثقافة والسياسة المحليين. حصدت الاقتصاديين والمثقفين والسياسيين المحليين وزرعت مكانهم تقنيين تسميهم مهنيي الحوكمة وخبراء صناعة القرار سطع نجمهم ليس في كواليس الأحزاب السياسية وخلاياها لكن في ردفات الأبناك والمؤسسات الصناعية والتجارية ونجاحاتهم في أرقام المعاملات التي حققوها في أسواق القيم يدينون للمراكز المالية والاقتصادية يُخضعون أنفاسهم لمصادقتها ولا يعودون لشعوبهم إلا لتبرير الزيادة في ربط قرارهم بها وتكريس سيطرتها على الهياكل الاقتصادية والآليات المالية لبلدهم وتيسير استغلال الاستثمارات الخارجية !
تعليقات القراء