سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
هنالك وقت للسكوت والصمت وهنالك وقت للكلام والإفصاح، فأيهما وقتنا اليوم؟
كُتب بواسطة: عبداللطيف زكي، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 2121 مرة، منذ تاريخ نشره في 2013/12/25
هل نسكت وهل نتكلم، هل نرى ونسمع ما يفزع ويهدد ونلوذ للصمت أو هل نتحمل ما قد يكون فيه ما لا يريح ونُفصِح؟
نسمع في الأيام والأسابيع الأخيرة هولٌ من الحديث واللغط حول اللغات في النظام التعليمي في البلاد فيه ما يدعو إلى المتابرة على ما أُلقينا فيه منذ عقود وحسبوا أننا ألفناه وتعودنا عليه والتأم عليه الجرح ونسيناه مع ما جرَّ علينا وما أدى بنا إليه. هل نسكت وفي هذا الكلام ما يريدنا أن نتخلى عن ما فيه أساس هويتنا وأن نتجرد مما قد يكون فيه خلاصنا وفيه ما يدفعنا للتخلص من لغة لمعانقة أخرى لمآرب فيها لمن ليس نحن ومَن لسنا هُوَ آملاً أننا لن نعيق ولن نعي من شدة جهله بمن نحن واعتقاده أن على قلوبنا غشاوة لا نرى من هو ومن والى ولماذا والاه!
لما يكون الحديث بين مواطنين لا يشك أحد في وطنيتهم يختلفون في الرأي ويتحاورون من خلال تجارب وثقافات واهتمامات واختصاصات وربما مصالح مختلفة يكون الأمر طبيعياً ويدخل في إطار حق حرية التعبير والمسئولية الوطنية والتزام الناس بقضايا مجتمعهم والدفاع على مراكزهم داخله والحفاظ على التوازنات التي تخول لهم امتيازات ودرجات خاصة فيه، لكن لما يكون الحديث ممولا ومنظماً ومؤطراً وموجهاً من هيئات ومنظمات تمثل قوىً أجنبية تدعم موقفاً من لغات معينة تدفع بالواحدة داخل المنظومة التعليمية وبأخريات خارجها فإن الأمر يختلف ويصبح مساً بالشؤون الداخلية للبلاد وتدخلا في ما لا يجب أن يكون من شأن غير أهلها. إن الاستراتيجية الحالية التي تطمع في إقحام أعمق وأكثر للغة أجنبية في منظومة التعليم بالمغرب تكون بديلة لغريمة ومنافسة لها لا يمكن فهمها إلا في إطار صراع سياسي وثقافي واقتصادي واستراتيجيٍ بين قطبين يهم كل منهما أن يتحكم في المغرب ويدخله تحت سيطرته ويستأثر باستغلاله اقتصاديا وماليا واستراتيجيا دون غيره .
وبما أن زمن التدخل المباشر قد ولى - أو على الأقل أصبح أكثر تعقيداً وكلفة - فقد أصبح ضرورياً لكل من هذين القطبين أن يعتمد على أجهزة محلية وعملاء قُطريين يتحدث بأصواتهم ويفعل بأيديهم فينظمون له اللقاءات مع الفآت المؤثرة في المجتمع وذات المصداقية لدى الناس يتبنون مواقفه ويصنعون له القرارات التي تناسبه ويضعون لها الخطابات التي يبررونها بها ويوفرون لها وسائل الإقناع الجماعي والسياسي الذي تصبح بهه ضرورة قصوى وأولوية فوق كل الأسبقيات يوهمون بها الناس أن هلاكهم يكون في عدم الانخراط فيها وأن إفلاتهم من مخاطر الإفلاس والجهل والفقر وآلهشاشة والتهميش الدوليين لا يكون إلا بها وكأنها بلسم لكل داء وطلسم ضد كل مس ووقاية من كل شيطان وحاسد .
إذ لا يمكننا أن ننفي دور اللغات الأجنبية عامة والأهمية النسبية والحاجة الخاصة لكل منها لأسباب وأهداف معينة، لا يمكن أن نتصور أي نماء أو تقدم أو تعميم للتعليم والمعرفة والعلم والتكنولوجيا بدون اللغات الأصلية للساكنة سواء سميت لغات أم أو أب أو وطن أو فصيحة أو دارجة. كما أنه إذ لا يمكن أن ننفي أهمية التعاون الدولي والتشارك بين الأمم فيما فيه خير الإنسانية جمعاء وأمنها والسلم العالمي، لا يمكن أن نجيز احتلال ثقافة أجنبية مكان الثقافات المحلية إلا إذا كانت من طبيعة المبادئ الكونية لحقوق الناس وصيانة كرامتهم وحرياتهم التي تشترك فيها الأمم وتتحد حول مبادئها الشعوب وتضمنها المواثيق الدولية والمؤسسات التي اتفقوا عليها والتي تهدف لتحرير الإنسان وتكريمه.
أما النقاشات حول أي مستويات اللغات المحلية التي تكون أجدى في مختلف أطوار التعليم واختصاصات التكوين والتأهيل المهني فهي طبيعية بين أهل كل بلد بلد حيث يكونون وحدهم أصحاب الرأي والقرار فيها يأخذونه في استقلالية عن كل تأثير خارجي أو مصلحة أجنبية يطرحون الاختلافات بصراحة ووضوح ويحلون التناقضات التي تفرق بينهم بالنقاش والتناظر والتحليل وما يتطلبه احترام مبادئ المساوات والتساوي وترجيح التوافق دائماً في إطار مشروع مجتمعي وأفق سياسي يكون فيهما الإنسان هو الأساس والمركز وسعادته هي المحرك واطمئنانه هو الهدف. طبعاً، قد يتطلب كل هذا التعرف على تجارب الغير وفهمها والاستئناس بها والإنصات للأصحابها والتعلم منها إن اقتضى الحال لكن هذا لا يجب أن يعني أبداً التخلي عن العقل والذكاء المحليين ولا عن حرية واستقلالية القرار والقدرة على إبداع الحلول الملائمة .
إن للمغرب لغاته الوطنية والرسمية وله تاريخ مشترك مع فرقاء عديدين قد يكونون في حالة تنافس سياسي أو اقتصادي أو ثقافي وقد لا يكونون كلهم حلفاء ولو أنهم أولياء بعضهم البعض، فليس من الحكمة السياسية ولا من ثقابة الرأي ولا من الذكاء الاجتماعي أن يتبع المغرب بعض قصيري الرؤية فيه أو من قد تكون تحركهم مصالح خاصة ضيقة وآنية إلى الصراعات الثنائية والمؤقتة بين فرقاءه التاريخيين كما أنه ليس من الوجاهة أن ينساق مع تيارات أو نزعات دورية وعابرة سرعان ما تتراجع ويتصالح الخصوم ولا يبقى له إلا الغبار والرماد وعداوة ليس في حاجة لها.
إن تحقيق المزيد من التحرر في المغرب والتطور والنماء المستدام في تشبثه بلغاته المحلية في محو الأمية والتعليم وتكوين الأطر والبحث العلمي ونشر ثقافة التقدم والمواطنة وحقوق الإنسان والاهتمام بالبيئة دون التخلي على الإستعانة باللغات الأجنبية كلها كل واحدة منها لِمَ يحتاجها له ولَمَّا يحتاجها إذ أن تدريس اللغات الأجنبية استثمار لوقت ولجهود وطاقات وأموال ضئيلة وغير متجددة يجب التأكد من مردوديته ومقارنتها بما يمكن أن يعود على المتعلمين والبلد كله لو وظف في غيرها.
قد يجد المهتمون بهذا الأمر في مثال إسرائيل عناصر للتفكير في هذه القضية. فإسرائيل تعتمد اللغة العبرية لغة التدريس الأولى لليهود واللغة العربية للعرب في التعليم الابتدائي والثانوي العربية لغة ثانية لليهود والعبرية لغة ثانية لليهود مع الاحتفاظ على اللغات الأصلية لفئات معينة كاليديش مثلا واعتماد اللغات الدارجة والوسطى بالتدريج قبل الاعتماد على الفصحى في كل اللغات المدرسة. أما فيما يخص اللغات الأجنبية فبعض التلاميذ يدرسون اللغة الفرنسية وبعضهم اللغة الإنجليزية وبعضهم لغات أخرى لكن فقط كمواد وليس كلغات التدريس. أفي هذا المثال لا يفكر عقلاؤنا الذين يريدون لتعليمنا أن يكون بلغات أجنبية والذين يريدون أن يقصوا بعض لغاتنا وبعض مستوياتها من مدارسنا معتمدين في ذلك على آراء ومواقف من لا يهمهم تقدمنا ولا تحررنا ولا كرامتنا لا هويتها ولا كرامتنا ولا حقوقنا التي تضمنها المواثيق الدولية كلها والتي تؤكد على أن تعليم الأطفال يجب أن يكون بلغاتهم المحلية والتي يتحدثون بها في بيوتهم ثم ينتقلون بعد ذالك بالتدريج لمستويات أكثر تخصصاً في الميادين الأكاديمية والمهنية والعلمية.
فسؤال يمكِّن من توفير الكثير من هدر الطاقات والأموال لو وضع في وقته وتمت الإجابة عنه، وهذا السؤال هو هل كل من دخل المدرسة سيحتاج يوماً لهذه اللغة أو تلك لأداء عمله وشغله ونشاطه الإقتصادي على أحسن وجه وإن كان سيحتاجها فما هو أنسب وقت لتدريسها له ومن يجب عليه أن يتحمل مصاريف تعليمها له؟ لنحاول الإجابة عن هذا السؤال بأسئلة أخرى. هل يحتاج جراح الأسنان والمهندس المعماري والمهندس الزراعي والطبيب البيطري والمحاسب والمحامي ومدرس الجغرافيا والرياضيات والرياضة والأعمال اليدوية والرسم في الأقسام الابتدائية والثانوية للغة الإنجليزية مثلا في مرحلة ما من مراحل تكوينه أو لممارسة مهنته في المستوى المطلوب منه؟ هل يحتاج كل هؤلاء هته اللغة وهل يستوجب تكوينهم تغيير النظام اللغوي بكافة أطوار المنظومة التعليمية في البلاد؟ زيادة على هذا، قد بينت كل الملاحظات أن أكثر ما يتعلمه تلاميذ الثانوي من لغات أجنبية يُنسى قبل نهاية الدراسة الجامعية وكله بعد بضعة سنين من التخرج إلا في القلة القليلة من الحالات وذلك لأن فرص استعمال هذه اللغات أو ضرورتها منعدمة إلا في بعض المهن المرتبطة بتكنولوجيات التواصل والبحث العلمي المتقدم جداً والقطاع المالي الدولي وتدبير المؤسسات المتعددة الجنسيات والدبلوماسية والسياحية. وفي كل هذه الحالات إما أن مدارس ومعاهد التكوين العليا توفر دروساً في اللغات التي تحتاج وإما أن المشغلين يوفرون هذا التكوين. وفي كل الحالات ليس هنالك ما يبيح تصور أن استبدال لغة أجنبية بأخرى سينتج عنه تحسين جودة المنظومة التعليمية أو الرفع من أدائها أو تأهيل أرقى لمناهج التلقين والمقاربات التربوية.
في نفس الوقت هنالك الكثير الذي يخيف من هذا النوع من التسرع إذ أن الأطر الضرورية لمثل هذه النقلة النوعية غير متوفرين ولو احتسب فيهم كل العاطلين الحاليين من حاملي الإجازة وما فوق حيث أن الإجازة والنجاح في مبارات خاصة وسنة من التكوين المهني على الأقل هو أدنى مستوى تعليمي يجب اشتراطه في مدرس اللغة الأجنبية مع اشتراط انخراطه في سلك دوري للتكوين المستمر يسهر عليه عدد من المكونين ذوي تجربة وحنكة وتكوين رفيع المستوى لا تتوفر عليه البلاد في الوقت الراهن. إن كل تصور لمدرسين دون هذا المستوى سيكون خطرا ومجازفة أخرى بالمنظومة التعليمية ورهناً لمستقبل أجيال لن يكون لها ذنب إلا أن آباؤهم وأجدادهم فرطوا في مسئوليتهم واتبعوا سراباً أغواهم وسلموا عقولهم لأهوائهم. إن مخلفات تجارب الماضي لازالت حية ويجب الإحتياط من إعادة إنتاجها كما يجب الاحتياط من الباطل يقدم في صفة الحق ومن السكاكين التي تسل من أغمادها لما تسقط البقرة وألا يعلق الحجام لما تسقط الصومعة !
مما يجب توقعه حين استبدال نظام لغوي بآخر هو ما ينتج عن تغيير المرجعيات الثقافية والقيم والمفاهيم والسلوكات وتصورات الناس كأفراد وجماعات لأنفسهم ولغيرهم ولبيأتهم وللعلاقات التي تجمع بينهم حيث أن هذه كلها مما تحمله اللغة وتحدده ، فإن كل تغيير في النسق اللغوي لفئة ما أو لمجتمع ما ينتج عنه تغيير في كل هذه المعالم ، فهل نعرف أي تغيرات ستحدث في مجتمعنا من جراء قراراتنا في مجال اللغات ، إن كنا نعرف فما هي بالضبط وإن كنا لا نعرف فكيف نتعرف عليها ونتأكد من أين نسير قبل أن نصطدم بما لا قبل لنا به.
فهل نسكت أو نتكلم ونفصح ونبين ؟