سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
كُتب بواسطة: مصطفى الغتيري، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 3462 مرة، منذ تاريخ نشره في 2014/08/18
عموما تتألق القصيدة حين تتوفر على خصائص ومميزات، تغري المتلقي بالإقبال عليها بكثير من الشغف، بيد أنها تنحدر نحو مهاوي الإسفاف حين تفقد طريقها نحو هذه المميزات، وغالبا ما يكون الذوق السليم حاسما في معرفة جيد الشعر من رديئه، خاصة بالنسبة لأولئك الذين طوروا ذائقتهم الشعرية بكثرة الاطلاع والإصغاء المتواصل ل"جميل القول" أقصد الشعر، ومع ذلك لا مناص من النقد الموضوعي لمعرفة مواطن الجودة في القصيدة ومواطن الخلل و الإخفاق فيها.
لمعرفة بعض هذه المميزات، التي قد ترقى بالقصيدة نحو الجودة، أو تنحدر بغيابها نحو الإسفاف، طرحنا السؤال التالي على أعضاء غاليري الأدب:
-ماذا تحتاج القصيدة-في رأيكم- كي تتألق وتنال رضى القارئ العادي والقارئ النموذجي على حد سواء؟
وبطبيعة الحال اختلفت أجوبة الأدباء وتعددت، بحسب تصور كل أديب للشعر و ووظيفته وتقنياته. ولم تكن نظرية" الصنعة والطبع" ببعيدة عن كل الإجابات، تؤطرها ولو من طرف خفي. وكنت شخصيا وأنا أتلقى إجابات المشاركين في هذا الاستطلاع أستحضر الجملة البليغة لابن سلام الجمحي في بعدها الاتهامي حين قال:"وكان ممن أفسد الشعر وهجنه وحمل كل غثاء منه: محمد بن إسحاق..." فتساءلت في نفسي قائلا: -من يا ترى سيحمل وزر إفساد الشعر تهجينه في استطلاعنا هذا؟
أول متدخل في موضوعنا كان الشاعر حسن تزكا، وقد حاول أن يكون إجرائيا في إجابته إذ حدد هذه الخصائص التي تسمو بها القصيدة في اللغة العربية الفصيحة والموسيقى الإيقاعية وجودة الموضوع وغنى الصور الشعرية والإبداعية والأصالة بعيدا عن التقليد الأعمى،والكتابة المتسمة بالوعي، وجودة الحبك والوصل بين أسطر القصيدة وتخير اللفظ الحسن للمعنى الحسن. وختم الشاعر حسن هذه الخصائص التي يتعين توفرها في القصيدة بوصية عامة وزئبقية تتمثل في قوله إن على الشعراء أن يعرفوا جيدا للشعر قدره.
أما الشاعرة فوزية بندادا فقالت بأن القصيدة تحتاج لصدق المشاعر ولسلاسة وانسيابية المعنى، واختيار الكلمات حسب وظيفيتها في النص والابتعاد عن الغموض والانزياحات الفجة، واستحضار جمالية الصور واللعب على تحريك مخيال المتلقي والسفر به نحو عوالم من النقاء اللفظي والمشهدي .
فيما انطلق الشاعر عبد الاله ناجي في إجابته من أن القصيدة كإبداع فكري تحتاج-في رأيه- إلى صياغة نقاش وجودي بأسلوب جيد ولغة جديدة،كما يجب على الشاعر-يضيف الأستاذ عبد الاله- أن ينتقي صوره الشعرية بكثير من التراص المنسج، حيث إن بناء القصيدة يجب أن يتم بشكل تصاعدي،يعتمد على تناسق تام بين مفرادتها و دقة في اختيار الدلالات التي تخدم النص، مع ضرورة إعمال المخيال والحرص على وجود مضامين مبتكرة ترقى بالقارئ والمجتمع.
أما الشاعرة سعدية بلكارح فترى أن الشعر إحساسٌ يخاطب الوجدان، ويتوغل فيه إلى درجة التوحد بين النص وقارئه..حين ذاك نجزم أن هذا المقروء ينتسب بجدارة إلى مسمّاه: الشعر.. فخلق علاقة وجدانية متينة بين هذا الثالوث: الشاعر..النص..المتلقي.. يتطلب- تضيف الشاعرة المتوجة بجائزة غاليري في الشعر الفصيح- دراية عميقة بحرفية الكتابة والقراءة.. فالمتلقي العادي يعتمد إحساسه الفطري بجمالية النص..ومدى تفاعله مع إيقاعه..دون مقدرة على لمس العمق الحسي والفني للنص الشعري ..وهنا تتفاوت القراءات، بين سطحيةٍةوعميقة، تغوص لتبرز لنا مكامن الجمال التي قد تخفى عن الشاعر ذاتِه، أو توضح خلفية أخرى تختفي وراء الكلمات لا يدركها إلا غواص متمرسٌ..إما ترفع النص أو تحيلُه على سلة الهشاشة الشعرية..
في جوابه على سؤالنا ألح الشاعر محمد يويو على الشاعر أن يكتب في ما يجيده مع ضرورة الالتفات إلى ما يقدّم من نقد يغني و يثري نتاجه الأدبي، دون ان ينسى المتلقي الذي يتوجه له بإنتاجه،
أما الشاعر حسن قري فانطلق من تجربته الشخصية في الكتابة فقال بأنه حينما تفرض قصيدة النثر نفسها على ذائقته، يحمل القلم ويصوغها دفعة واحدة ولا يراجعها أو يضيف إليها إلا نادرا، كما أنه ينبه إلى أنه يتقبل كل الملاحظات ويتعلم منها.
وترى الشاعرة رحيمة بلقاس أن الشعر موهبة وإحساس، يتميز بالقدرة على دمج الواقع بالمتخيل، تترجمه النصوص بصور شعرية إبداعية تميز شاعرا عن الآخر، وتواصل بلقاس قولها بأن النص الشعري يحتاج لوحدة الموضوع وهذا ليس سوى دفقة مشاعر وانفعالات تتربص بالشاعر ذات لحظة، فتتدفق الكلمات منه في سربال مزركش بألوان وحده ينفرد بها، إن النص-تضيف الأستاذ رحيمة- كلما انسجم مع صاحبه تكتمل معالم الجمال فيه، وكلما ارتبط بالكونية يقترب من الآخر أكثر، بحيث يغدو البوح بوحا جماعيا يعبر عن الكاتب والقارئ في ذات اللحظة، الشعر يرتقي بصاحبه حين يستطيع إن يشارك القراء انفعالاتهم واهتماماتهم ومشاكلهم، وحين يجد القارئ نفسه في كل نص، كما أن عقد صلة وثيقة مع ثراتنا الشعري ترتقي بقصائدنا حسب رأي الشاعرة بلقاس، وكلما أكثر الموهوب من القراءة وممارسة الكتابة وبإصرار، ارتقى واكتسب آليات التعبير السليم والجميل.وتخلص الأستاذة الشاعرة رحيمة بلقاس في نهاية تدخلها إلى أن النص الذي يتملكها هو ذاك الذي تتكامل في اللغة بفصاحتها والصور بجماليتها والموسيقى بايقاعاتها الداخلية والحرف الهادف بتعبيره عن الإنسانية وحسن السبك والحبكة في اقتناص اللفظ.
أما القاص والشاعر عبد الله أحمد حسين فيرى بأن القصيدة عمل إبداعي يهدف إلى التواصل والتأثير وقد اشتق اسمها من القصد والقصدية, ولذا فإن على الشاعر أن يحسن اختيار موضوع قصيدته ليكون عامل جذب ولفت نظر للمتلقي كما أن عليه أن يحسن استغلال أدواته الفنية لتحقيق أكبر قد من التميز في الأداء, ففما لا شك فيه أن اختيار الموضوع وحسن الأداء عاملان أساسيان لنجاح أي عمل إبداعي ولا يمكن إنكار دور الذوق في قبول العمل أو عدم تقبله , ومع ذلك فالعمل المتقن هو من يفرض نفسه.
بينما ركز الشاعر أحمد فلاحي على أسباب "خارجية" لانحدار القصيدة، وحصرها في عدة عوامل أهمها غياب النقد الحقيقي الخالي من المجاملات والخاضع لمعايير نقدية راسخة وعلمية.. بما يعني ان النقد والشعر متلازمتان أساسيتان للارتقاء أو الانحدار.
كما حمل الشاعر المسؤولية لفضاء النشر الواسع ويقصدتحديدا النشر الالكتروني، الذي يرى أنه بقدر ما أعطى مساحة للجميع ليكتبون كما يريدون ،فإنه بالمقابل قد أفسد القصيدة بكل أشكالها وأبرز على السطح جنس الخاطرة الذي هيمن على باقي الأجناس الأدبية ،كما أن للمجموعات الأدبية في رأيه نصيبا في هذا الإفساد.
وقد ختمت الشاعرة رشيدة خيزيوا هذه االشهادات بانطلاقها من مقولة" الأذواق حتما تختلف" ، ولكن الأكيد-بالنسبة للشاعرة- أن صدق الإحساس من أهم عناصر نجاح القصيدة، وتبقى-في رأيها- أن الكلمات المختارة بكل دقة والبلاغة في التعبير ونقل الصور الشاعرية الجميلة والرنة العذبة بالإضافة طبعا للموضوع من العناصر أيضا التي تشكل قوة القصيدة وترفعها الى مصاف الكتابات الأدبية الراقية.
القصيدة المكتملة في نظري-تضيف الأستاذة رشيدة- هي تلك التي تجعلك تسبح بعيدا في فضاء الخيال أو حتى في أجواء الواقع.. وتتابع الشاعرة بلغة البوح قائلة"تنساق معها -أي القصيدة- تهمس بهمسها .. تشدو بنغمتها ..تعيش فكرتها و تلتصق بذهنك ..وتتذكرها من حين لآخر وتستشهد ببعض أبياتها إن لم يكن بكل أبياتها ..قصيدة لا تموت و لا يغطيها غبار النسيان .،كالقصائد التي ما زلنا نذكرها..ونتغنى بها لبعض فطاحلة الشعراء القدامى وحتى المعاصرين منهم.