الوكالة العربية للصحافة أپاپريس - Apapress
مقالات
أفكار و تحاليل تقريب الإدارة من المواطن ( حق أريد به باطل )
في هذه الأجواء الربانية ؛ والطقوس الرمضانية التي تحفل بها بلدان الإسلام ومن بينها بلدنا المغرب ؛ حيث يكثر الذكر والاستغفار.. ويقل "النفاق والرياء".. بمناسبة حلول الشهر الفضيل التقى "عبو" صدفة بأحد رفاق الحي الذين اختاروا الهجرة عن مضض والاستقرار ببلاد العم سام ؛ حيث تجاذبا أطراف الحديث حول الوضع الحياتي ؛ مقارنة بين الهنا والهناك. وفي جولة لقضاء خدمة عمومية تتعلق بتغيير رخصة سياقة " عبو " الورقية إلى رخصة مجددة " بيومترية" كما هو الحال بالنسبة للبطاقة الوطنية ؛ حيث جاء في بلاغ لوزارة النقل بأن رخص السياقة ستتغير برخص حديثة ؛ محددة آجالا لذلك وفق تسلسل زمني توخيا لإكراهات الضغط الكمي للمقبلين على تغيير رخصهم . استفسره صديقه : هل هناك إجراءات إدارية تتطلبها عملية تجديد رخصة السياقة ؟ رد عليه " عبو": ليس إجراءات بل ماراتون العدو بين المصالح الإدارية. رد عليه صديقه المهاجر . إن مثل هذه الإجراءات التي تتعلق بتجديد بطاقة الإقامة أو البطاقة الوطنية أو جواز السفر في بلاد العم سام لا تستغرق أكثر من مكالمة هاتفية ؛ لأن الوقت من ذهب ؛ وللمواطن مكانته واحترامه هناك . بعدها ودعه وانصرف بعدما ضرب موعدا للقائه.
اعتبر " عبو " مناسبة الشهر الفضيل فرصة لتغيير رخصته ؛ ففي صيام يومه متسع من الوقت لزيارة المصالح المختصة بذلك. لم يكن يعلم بأنه سيشارك في ماراتون ممتد ؛ سيجعله يندم على خطوته الأولى في مباشرة ملف كهذا.
الخطوة الأولى : اقتنى الوثيقتين المخصصتين لتجديد رخصة السياقة ؛ إحداهما بلون أزرق والأخرى بلون وردي .
الخطوة الثانية : التحق بمكتب تسجيل السيارات.. بالرباط ليسحب ورقة بيضاء تمكنه من أداء مبلغ 100 درهم بالخزينة العامة القريبة من محيط مقر سكناه.
الخطوة الثالثة : التحق بمستشفى مولاي عبدالله بسلا ؛ من أجل إجراء فحص خاص بالعينين . أخبروه بعدما اطلعوا على الوثيقة ذات اللون الأزرق ؛ بأن يصادق عليها رفقة نسخة من البطاقة الوطنية بالمصالح الخاصة بالمقاطعة التي تتواجد بتراب مسكنه .
الخطوة الرابعة : التحق بالمقاطعة قصد المصادقة على الوثيقة وبصحبتها نسخة من بطاقته الوطنية .
الخطوة الخامسة : أعاد الكرة صوب المستشفى حيث أدلى بما طلب منه ؛ فوجهوه إلى صندوق الأداء ليؤدي واجب 120 درهم ؛ بعد ذلك يتم فحصه .
الخطوة السادسة : التحق بالخزينة العامة التي تتواجد بتراب محيط مقرسكناه لتأدية مبلغ 100 درهم .
الخطوة السابعة : التحق بمكتب تسجيل السيارات.. بسلا لكي يقدم الوثيقتين ذات اللونين الأزرق والوردي ؛ بل الملف بأكمله . سأل مستخدما بالمكتب عن مصير ملف تجديد رخصة السياقة؛ فأجابه : عليك أن تلتحق بمديرية الضرائب.. بسلا الجديدة لتأدية مبلغ 300 درهم ؛ وتلتحق فيما بعد بمكتب تسجيل السيارات.. بالرباط لتقديم الملف .
الخطوة الثامنة : التحق بمديرية الضرائب .. بسلا الجديدة ؛ حيث أدى المبلغ المشار إليه ؛ مقابل وصل ألصق بالوثيقة الوردية وصودق عليها .
الخطوة التاسعة : محطة الماراتون الأخيرة بمكتب تسجيل السيارات.. بالرباط ؛ حيث قدم الملف وطلب منه بعد مراجعته ؛ تقديم رخصة السياقة المؤقتة ( البيضاء) لإمداده بها بعد إلصاق صورة له بها والمصادقة عليها. بهذه الخطوات التسع والتي امتدت لثلاثة أيام ؛ والتي اعتبرها "عبو" ماراتونا باعتبارها تربط بين العدوتين ـ الرباط وسلا ـ وبين الإدارات التابعة لها وفق تخطيط ممنهج دقيق بهندسة مثلاث ومربعات تتباين من حيث المسافات طولا وعرضا ؛ واختبارا حقيقيا لمدى تحمل المواطن للإهانة والتحقير؛ ابتداء من وسيلة النقل ـ الحافلة ـ التي لا توفر شروط السلامة ..؛ وانتهاء بمعاملة الساهرين على تدبير شؤون المواطنين الإدارية ؛ هذه وغيرها من بين الأسباب الحقيقية التي ساهمت في ارتفاع عدد المصابين بداء السكري بالمغرب . فبدل أن تتم العملية بشكل سلس ؛ وفي شباك واحد ووحيد ؛ وفي أقل زمن ممكن؛ كما هو الحال في الدول التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها ؛ تبقى دار لقمان على حالها . فهل هذا هو التغيير المنشود ؟
تعليقات القراء