سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
كُتب بواسطة: فاطمة الزهراء لخليلي، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 1067 مرة، منذ تاريخ نشره في 2012/12/25
إن القارئ لرواية "أسلاك شائكة "للروائي المغربي "مصطفى لغتيري" الصادرة عن دار الوطن شتنبر 2012 يكتشف مدى الهم الذي يحمله هذا المبدع بقضايا الوطن ، فمن خلال الرواية أماط الكاتب اللثام بنوع من الحيادية والإبداع الفني عن جزء مهم من تاريخ المغرب المعاصر ، وذلك بتطرقه لقضية المغاربة المهجرين من الجزائر بعد اندلاع حرب الرمال بين الجارين.
قدم لغتيري هذه القضية من خلال أسرة مغربية /جزائرية الزوج "احميدة" مغربي اختار الرحيل والتنقل في بداية حياته فمن فاس الى وجدة ليستقر به المقام بالجزائر، والزوجة "الزاهية" جزائرية ذات أملاك فلاحية ورثتها عن أبيها. كانت الأرض التي تملكها الزاهية سببا في حسم احميدة لأمره بالنسبة للتنقل والترحال فاستقر بالأرض واختار الحياة إلى جانب الزاهية ضاربا عرض الحائط حبه للتنقل والترحال، فصار منذ تلك اللحظة عاشقا للأرض محبا لها معتنيا بها. يذكر الكاتب/السارد"ما ان تقاطعت طريقه بطريق الزاهية حتى انقلب رأسا على عقب.. حياته تغيرت بشكل جذري، فلم يندم على شيء، حين قرن مصيره بمصيرها، لقد سلبته لبه، فكان لزاما أن ينخرط في حياتها بكل تعقيداتها" وكأن الكاتب يريد ان يقيم علاقة بين الأرض والزاهية أو أنهما وجهان لعملة واحدة، فكثيرا ما كانت المرأة في كثير من الأعمال الشعرية و الأدبية رمزا للأرض والوطن والحياة. الزاهية في نظر الكاتب هي الامتداد الطبيعي ل احميدة ولو بطريقة غير مباشرة فهي التي ستنجب له الابن الذي سيخلد ذكراه وتستمر من خلاله سلالته في تلك الأرض.لكن هذا الامل الذي راود احميدة سرعان ما انقلب الى ضده فعوض ان تنجب زوجته ذكرا انجبت انثى وعوض ان يتلقى نبأ الولادة تلقى خبر ترحيله ومجموعة من المغاربة إلى الحدود لارتجاعهم الى بلدهم الأصلي، كانت لحظة الرحيل أو الترحيل هي عقدة النص الروائي فمن خلال هذا الحدث ستتناسل مجموعة من الأحداث وسنطل على مجموعة من الاحداث الإجتماعية والتقلبات النفسية والمشاكل الاجتماعية التي ستطفو على السطح.
الترحيل القسري للأسر، وتشريد الآلاف من الأطفال والنساء بعيدا عن أزواجهم وعائلاتهم، سيفتح بلا شك المجال أمام كثير من الانحرافات والسلوكات التي ستنخر المجتمع، ولعل النهاية التي ختم بها لغتيري الرواية خير دليل على ذلك، فبعد احميدة عن زوجته لفترة طويلة ومحاولته التأقلم مع وضعه الجديد، وانخراطه في الحياة العامة بوجدة وعودته لحياة الترحال من جديد، بعد ان كان عاشقا للاستقرار سيغير من نفسيته خاصة وان فترة انتظار فتح الحدود قد طالت اكثر مما كان يتوقع.
أما الزاهية فقد ظلت تنتظر عودة الزوج و دائمة التنقل بحثا عنه قرب الحدود، لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، وأمام معاناتها وعدم قدرتها على الاستمرار بهذا الوضع استسلمت لأحزانها واختارت الرحيل بديلا عن حياة أرغمت فيها على العيش بمفردها وطفلتها التي لم تر أباها بعد، فكان موتها في الرواية موتا لمعنى الانتماء والوطن والأرض التي اختارها احميدة كمستقر له. فبموت الزاهية نكون قد وصلنا الى نتيجة يقينية انه لا امل في عودة المهجرين الى الجزائر من جديد وان لا أمل في فتح الحدود ثانية. وإذا كانت الزاهية قد اختارت الموت بديلا عن الاستمرار بالمعاناة فان ابنتها لم تفقد الامل في ان تلتقي بأبيها مجددا، فإذا كان الكاتب قد قدم الزوج كأي رجل عربي يتمنى ان يكون نسله من الذكور فإن لغتيري قدّم لنا أن الأنثى في شخصية المهدية أيضا تستطيع ان تكون امتدادا لأبيها، فرغم صغر سنها وحداثته إلا أن المعاناة جعلت منها فتاة ناضجة تحملت مسؤولية البحث عن الأب فكان ان حاولت التنقل الى الموقع الحدودي بين الجارين علها تظفر بلقائه. يظهر ان الامتداد الذي جسده الكاتب بشخصية المهدية في الرواية هو امل في أن يكون الجيل الجديد من الشباب والأطفال اكثر اتزانا وحنكة لإعادة المياه الى مجاريها بين البلدين.
في مقابل الزاهية الوفية الصادقة المحبة لزوجها رغم قرار التهجير، نجد الكاتب يقدم لنا شخصية لامرأة اخرى مناقضة لها، وهي راضية التي تعرضت للتهجير هي الاخرى تاركة وراءها زوجها أولادها، واستقرت بالموقع الحدودي مع من استقر هناك لكن راضية لم تستطع الحياة بمفردها فكان الحل الوحيد لها لتواصل الحياة من جديد ان اختارت ان تكون جسدا للزائرين ليلا، وهنا يظهر التناقض الصارخ بين الشخصيتين، بين الزاهية وراضية فإذا كانت الأولى اختارت ان تواري الجسد الثرى ، اختارت الثانية ان يكون الجسد هو مصدر الحياة لديها. لكن ما موقع احميدة من هذا الجسد؟
اختار الكاتب ان يضع احميدة في مواجهة مع هذا الجسد حين أحس برغبته الطبيعية في ان يكون قرب امرأة بعد طول غيابه عن الزاهية، لكن ما لم يخطر بباله ان تكون هذه المرأة هي راضية فكانت ردة فعله أن غادر المكان لا يلوي على شيء ، وهنا يطرح السؤال: هل غادر احميدة المكان لوجود راضية به؟.أم أن الوضع في المجمل جعله يستفيق مما كان ينوي القيام به. والسؤال الذي ختم به الكاتب روايته سؤال جوهري في حد ذاته حيث أظهر هذا السؤال طبيعة الرجل العربي وطريقة تفكيره وكيف أن هذا الرجل يتسم بتعدد المواقف التي تتعلق بالشرف والعرض، ففي اللحظة التي كان ذاهبا للبحث عن متعته مع امرأة لم يخطر بباله ابدا هذا وكل ما فكر به هو نفسه، لكن حين وقف في مواجهة راضية قفزت الى ذهنه صورة زوجته في نفس الوضع، الشيء الذي جعله يغادر المكان، وكأن الكاتب يدعو الى أن يكون الانسان ذو موقف ثابت حيال جميع الظروف والأزمات وأن المبادئ لا تتجزأ مهما كان، إن هاته اللوحة التي جاءت في نهاية الرواية انما هي دعوة للابتعاد عن الانفصام الذي اصبحنا نعيشه في حياتنا بشكل عام.