سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
متعة الكتابة الروائية أو حينما يعيش المرء حياة مضاعفة
كُتب بواسطة: مصطفى لغتيري، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 1296 مرة، منذ تاريخ نشره في 2012/12/31
لا ريب أن كل ممارس للكتابة الإبداعية عموما و الروائية خصوصا متيقن بأن سحر الكتابة يتجاوز جانبها التقني ، المتمثل في رص الكلمات جنبا إلى جنب ، و خلق شخصيات و أفضية تضطرب فيها هذه الشخصيات ، يؤطرها زمن أو أزمنة متعددة ، تختلف حسب رؤيا الكاتب و تصوره لذاته و لإبداعه و للعالم من حوله.
الكتابة أعمق من ذلك بكثير..إنها ورطة جميلة ، تلقي بشباكها على الكاتب ،و تأسره بخيوطها المخملية الرفيعة و المتينة ، فلا يملك إزاءها حلا غير الاستسلام التام ، فكلما حاول الفكاك منها، زادت تعلقا به في نوع من الزواج الكتوليكي.. حينذاك تصبح الكتابة أسلوب حياة ، يتنفسه الكاتب ، و على إيقاعه المتعرج تمضي حياته ، مأسورا يقدم لها نفسه و فكره و أعصابه قربانا يوميا .. أما الجائزة الكبرى التي ينالها فتتمثل في أنها قليلا ما تخونه ، إنها وفية بقدر ما يمنحها من قلبه ، مع أنها غيورة إلى حد التملك ، أتذكر في هذا الصدد ذلك التعبير الجميل لطوماس وولف حينما شبه الكتابة بالدودة فيقول " لقد نفذت الدودة إلى قلبي و هي منطوية على نفسها تتغذى من مخي وعقلي و ذاكرتي" و أقول إنها دودة أسطورية لا تتوقف عن التضخم ، حتى تحتل الجسد بأكمله ، و هي لا تكف عن الازدراد بشهية مفتوحة ، و على الكاتب أن يوفر لها غذاءها ، و الغذاء هنا هو تجربة الكاتب الحياتية و قراءاته ، هذان المكونان هما الوقود الذي يحرك آلة الكتابة و بالطبع فالخيال يتوجهما.. الكتابة بدون تجربة عميقة في الحياة تغدو ضحلة سطحية و لا روح فيها .. أومن بأن الكاتب إن انطلق مما عاشه و يعيشه و خبره ، بل ما رجه رجا عنيفا ، ضمن لنفسه أسباب النجاح ..أما إذا اعتمد على الذاكرة فسرعان ما يجد طريقه نحو الإفلاس ، و سيكرر ذاته في أحسن الأحوال أويستنسخ كتابات الآخرين ، في حين إذا اعتمد على تجاربه الخاصة، فإنه بالضرورة سيكون مختلفا ، لأن كل تجربة حياتية فريدة من نوعها و لا تتكرر أبدا إذ "لا نستحم في نفس النهر مرتين" ..طبعا لا يمكن استنساخ التجارب أو نقلها حرفيا بل يتعين أن تشكل الأرضية الصلبة التي ينطلق منها الكاتب ، ثم يأتي دور الخيال الذي هو – بلا جدال – رأسمال الكاتب إن فقده ، فقدت كتابته مبرر وجودها.
تمثل القراءة الوجه الثاني لعملة الكتابة ، إنها الزاد الذي تتغذى عليه الدودة المستقرة في مخ الكاتب .. القراءة متعة و وسيلة مثلى للتعلم و للتلاقح و لمحاورة إبداعات و أفكار المبدعين .. كل كتاب أقرؤه بمثابة رحلة اكتشاف جديدة و مائدة دسمة ، تفتح لي دروبا جديدة في عالم الكتابة ، و لا تكون القراءة مفيدة و ذات معنى إن لم أكتب عن الكتاب الذي قرأته ، و لا يتأتى ذلك إلا بعد قراءته مرات عدة ، القراءة الأولى استكشافية و الثانية تأملية و الثالثة حوارية و الرابعة للقبض على ما سكت عن ذكره الكاتب و هكذا دواليك .. كل قراءة جديدة لكتاب ما تكسبني خبرة جديدة.
الكتابة حياة مضاعفة. كيف ذلك ؟ إنها تفتح للكاتب المجال للعيش حياة أخرى بل حيوات مفترضة ، أجدني أقول " ما أضيق العيش لولا فسحة الخيال" ..بالخيال يحيى الكاتب ، يبني عوالم ثم يهدمها ليبني غيرها ، يحرك شخوصه في فضاءات من ابتكاره ، يضع شيئا منه في كل شخصية من شخوصه ، و كأنه يوزع دمه ما بين القبائل. ، إنها لعبته الأثيرة.
ما كتبته لحد الآن من روايات يتيح لي أن أقول مطمئنا بأن وراء جلها تجارب حيايتية قوية ، عشتها في حينها بكل جوارحي ، و بعد مرور قدر من الزمن كاف لاختمار التجربة، استثمرتها في الكتابة ، فقط أتمنى أن أكون وفقت في ذلك.
في رواية رجال و كلاب ،و هي الأولى نشرا و ليس كتابة ،اعتمدت من حيث التكنيك على التداعيات الحرة كتقنية مقتبسة من التحليل النفسي ، لأن ثيمة الرواية فرضت علي ذلك ، ف "علال" الشخصية الرئيسية مصاب بمرض الوسواس القهري ، فاختار أن يجعل من القارئ طبيبه النفسي ، لذا كان لزاما عليه أن يفتح قلبه للقارئ ، و يخاطبه مباشرة ليبوح له بما و قر في النفس من ذكريات ، متوسما في ذلك تخلصه من المرض الذي لازمه مدة طويلة و لا يعرف له سببا.. ملهما في ذلك بفكرة التحليل النفسي اللامعة و التي مفادها أن المرض يخف و يضمحل بعد أن تتحول أسبابه إلى كلمات.
في رواية "عائشة القديسة" استثمرت مكانا كنت و لا أزال أمارس فيه مهنة التدريس ،على مرمى بصر من المحيط الأطلسي ، هناك حيث تشيع بين الناس أسطورة "عيشة قنديشة" ، فوظفت هذه الأسطورة لكتابة رواية تراهن على التنوير و التطهير بمعنى" الكتارسيس" من خلال جعل القارئ يقف وجها لوجه أمام هذه "الجنية" الجميلة ، التي شغلت بال الناس و سارت بذكرها الركبان.
أما رواية "أحلام النوارس" فكنت محكوما فيها بإرجاع بعض الدين لفئة من الناس دفعت ضريبة كبرى من شبابها و صحتها و حياتها أحيانا ، من أجل أن أنعم بهذه الحرية النسبية التي تتيح لي الكتابة دون رقيب خارجي ، أقصد شبابا ناضلوا و أمسكوا بالجمر ملتهبا فدفعوا الثمن سجنا و تعذيبا و عاهات ، من أجل أن تتحقق لغيرهم حياة أفضل ، كتبت هذه الرواية على شكل رسالة مطولة بعث بها مناضل و سجين رأي سابق إلى حبيبته ، التي تخلت عنه كما تخلى عنه الجميع ، فانزوى في غرفة قصية منعزلة هي امتداد لزنزانته ، التي حملها معه في دواخله ،ليكتب رسالته الأخيرة.
في رواية "ليلة إفريقية" كنت محكوما بتكنيك الكتابة ، فوظفت تقنية رواية داخل رواية ، أو ما يصطلح عليه ب بتقنية "دمى البابوشكا الروسية" ، كما استثمرت تقنية الميتارواية ، بما يعني أن الرواية تفكر في ذاتها بصوت مسموع ، و هي تنكتب أمام أعين القارئ، كما شغلني من حيث الثيمات التعدد الثقافي للمغرب ، ممثلا في البعد الإفريقي الذي يبدو مغيبا بسبق إصرار و ترصد ، دون أن تعزب عن الذهن هموم الكتاب و حياتهم السرية و علاقاتهم ، خاصة فيما يخص صراع الأجيال.
في رواية " رقصة العنكبوت" هيمنت على تفكيري مشاكل الشباب العاطل ، فحاولت طرحها من خلال الشخصية الرئيسية "يوسف" الفنان الشاب ، الذي لم يغن عنه فنه فتيلا ، فسقط لقمة سائغة في فم البرجوازية المتعفنة ، ممثلة في تاجر لوحات شاذ جنسيا ، يستعمل الفن طعما لإشباع نزواته الشاذة ، أما على مستوى التكنيك فوظفت فيها أسلوب كتابة القصة القصيرة.
في رواية ابن السماء حاولت تتبع تشكل العقلية الخرافية لدى الإنسان المغربي خصوصا و العربي عموما من خلال شخصية عجائبية فرت من نعيم السماء إلى جحيم الأرض محاولة إصلاحه لكنه كان لها بالمرصاد ، فاستغلها اهل الدنيا أسوأ استغلال من أجل تحقيق مكاسب دنيوية محضة ، أما في رواية "على ضفاف البحيرة" فشغلتني الطبيعة الجملية لجبال الأطلس و أناسها ،فكتبت رواية تحتفي بهذين البعدين العميقين و المميزين للمنطقة ، كما تناولت في رواية "أسلاك شائكة " التي اقتبست أحداثها لتكون فيلما قد يرى النور قريبا ، مشكل الحدود المغلقة ما بين المغرب و الجزائر و تأثيراته الكارثية على الإنسان في البلدين.
شكرا لكم صديقاتي أصدقائي .. شكرا لكم زملائي المبدعين .. و معا نخلق مجد الأدب المغربي المعاصر