الرئيسية | شجرة الموقع | إحصائيات | قائمة الأعضاء | سجل الزوار |إنشاء حساب | اتصل بنا        maroc france        
عضوية جديدة؟
للتواصل مع الموقع | شروط الإستخدام | نهج الخصوصية | أعلن معنا
Loading...
الشرق الأوسط |دولي |عربي |سياسة |إقتصاد |صحة |ثقافة وفنون |رياضة |الأسرة و المجتمع |علوم وتكنولوجيا | صحافة |ملفات وتقارير |أخبار محلية |أخبار عامة |غرائب وعجائب |مقالات |صور |فيديو
جديد الموقع:
بحث متقدم

أبواب الموقع

قائمة المراسلة


حالة الطقس

booked.net

حكمة

خير الامور أوسطها

تحويل التاريخ

اليوم: الشهر:

السنة:
من الميلادي إلى الهجري
من الهجري إلى الميلادي

حدث في مثل هذا اليوم

سنة 1505 - وفاة الفقيه الإسلامي جلال الدين السيوطي
سنة 1801 - غادرت الحملة الفرنسية الأراضي المصرية بقيادة "مينو"
سنة 1863 - افتتاح دار الآثار المصرية القديمة في بولاق
سنة 1907 - اتفاقية لاهاي الخاصة بحل النزاعات الدولية سلمياً
سنة 1970 - استقالة الرئيس السوري نور الدين الأتاسي من جميع مناصبه التنفيذية والسياسية
سنة 1970 - وفاة عبد الكريم بلقاسم رئيس حكومة الثورة الجزائرية المؤقتة
سنة 1983 - أقيمت عملية تفجير في مقر المارينز الأمريكي في بيروت.
سنة 1954 - اتفاق بين مصر وبريطانيا على إخلاء القواعد العسكرية البريطانية في منطقة السويس.
سنة 1918 - بلجيكا تحتل الكونغو.
سنة 1918 - فرنسا تستولي على لبنان.
سنة 1948 - جلوس الإمام أحمد بن يحيى إمام اليمن.
سنة 1995 - ماليزيا تطالب بإلغاء حق الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

صحة جسمك

 سنتيمتر  
 كيلوجرام    
 سنتيمتر  
 سنتيمتر  
النوع: ذكر       انثى

مستوى النشاط
منعدم محدود عالي

مواقع صديقة

الوكالة العربية للصحافة أپاپريس - Apapress مقالات أفكار و تحاليل قراءة وجدانية.. تبحـــر في عوالم الرواية الخالدة : " الإخوة كارامازوف" للروائي العبقري "دوستويفسكي".

قراءة وجدانية.. تبحـــر في عوالم الرواية الخالدة : " الإخوة كارامازوف" للروائي العبقري "دوستويفسكي".

كُتب بواسطة: سعاد ميلي، ونُشر بواسطة: أبابريس
شوهد 1678 مرة، منذ تاريخ نشره في 2012/08/24
1- لحظة تأمل عامة:
 
يقول الناقد القدير * ألكسندر سولدييف* :
" لقد أعطانا "دوستويفسكي" في "الإخوة كارامازوف" خلاصة أدبه وفنه.."
بعد هذا القول أجدني أكثر حماسة كي أكتشف عمق الرواية أكثر، لهذا وحسب ما قرأت من ما كتبه "دوستويفسكي" نفسه في مدونته اليومية: 
" الآن.. أريد أن أحيا وأن أكتب عشرين سنة أخرى" .
هنا.. أرى أنه عندما يصدر مثل هذا القول وخاصة من مبدع كبير كالروائي الإنساني خبير العلاقات البشرية و الكاتب القدير فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي ( 1821-1881) فإننا نشعر معه أنه كلام عظيم من مبدع أصيل اكتشف جوهره الحقيقي الذي ينبع من وجدانه و من ثمرة جهده الإبداعي الخالد الذي يهم الإنسانية جمعاء، انطلاقا من روحه ونزف ذاته المعذبة من خلال تماسها مع واقع حياته التي عانى فيها حد ما بعد النزف، إنه كان يتمنى أن يحيا أكثر كي يبدع أكبر، ذلك لأنه وجد مرآة نفسه الحقيقية، وهي مرآتنا جميعا في نفس الوقت، فكلنا معنيون، لأن شخصياته تجسد كل واحدٍ منا بشكل أو بآخر.
 
2- الولوج إلى عالم الرواية الخالدة " الإخوة كارامازوف" :
 
أ- المجلد 18: 
بعد زيارتي لموقع روسيا اليوم وتعرفي على حياة دوستويفسكي الإنسانية والإبداعية أجد بين يدي الآن: دوستويفسكي : الأعمال الأدبية الكاملة – المجلد 18 . ترجمه من الفرنسية الدكتور سامي الدروبي . الطبعة العربية الأولى: المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر. دار الكتاب العربي للطباعة والنشر. القاهرة 1967 . الطبعة العربية الثانية: دار ابن رشد للطباعة والنشر – بيروت – لبنان – شارع فردان – بناية شبارو...
الخطوط والغلاف : عماد حليم . طبعت بإشراف: نتوورك – إيطاليا 1985.
 بعد هذه المعلومات الأولية عن المجلد 18.. انهمرت شوقا لقراءة الرواية و لأجدني نهاية قد أصبحت أخرى.. 
بلى، إنني أمام شخصيات غير عادية نهائيا، فعندما نقرأ كتابا عظيما بفكره كهذه الرواية الواقعية حد ما بعد الشخصية، نحس بالتالي أننا أصبحنا كقراء ناضجين، كائنا آخر عظيم، بشكل أو بآخر.
ولهذا آثرت أن أسلط الضوء على زاوية من زوايا عالمه الكائن، كي يتسع صدر قارئ غيري له، ويقرأه بإحساس ثاني ويقدم الضوء الكاشف بدوره لقارئ ثالث وهكذا..
ب- خلاصة ما اكتشفه الضوء المطل من عيني على الرواية الخالدة:
 
- ما هو المعنى الحقيقي للجريمة ؟
هذا السؤال تبادر إلى ذهني مند توغلت في الرواية وخاصة ما بعد الصفحة 144 ولكنه سؤال بدأ يختمر في جوانحي منذ الصفحة 10 من المجلد 18 " الإخوة كارامازوف".
وانطلاقا من هذا السؤال اقتربت نسبيا من الجواب.. اقرءوا معي .. كي نقترب من فهم نفسية الشخصيات الرئيسية بشكل أكبر..
نبدأ مع أحد الشخصيات الثانوية ولكنها مهمة جدا..( ففي هذه الرواية الخالدة.. تتسع الدلالة أكثر من اتساع وطول الرواية نفسها..) إذ مهدت بسلوكها القويم والمستفز في آن واحد لأحداث هذه الرواية الخالدة.. وهي شخصية " كوليا " حبيب أمه".. اسمه الحقيقي:
" نيقولا ايفانوف كراسوتكين"... في السنة الثالثة عشر من عمره.. يتيم الأب ( والده كان سكرتيرا حكوميا.. و توفي بعد عام من زواجه من والدة "كوليا" السيدة "كراسوتكين" الشابة الصغيرة.. وترك مكتبة خاصة.. كانت هي ملجأ ابنه اليتيم بعده..) مدلل أمه حد الإفراط.. متفوق في دراسته وقوي في طبعـه.. حاذق وبارع حد التفـوق على أستــاذه في الرياضيــات " داردينالوف" ومع ذلك بسيط في تعامله مع الأشخاص حد المشاكسة، ذكاءه وثقافته تفوق سنه بكثير، وقح أحيانا ولكن غالبا هو كيس ولطيف مع رفاقه الأطفال، لكن لا تنقصه الشجاعة مع ذلك، وعلى سبيل المثال الموقف الذي ترك بصمته في ذهن القارئ منذ بداية الرواية وهو عندما طبق خطته المغامرة حد الموت، اقصد نومه بين خطي السكة الحديدية، وهذا تأتى له أن ينفذه بعد أن درس قبلا صعوبة الموقف وقرأ عن تجهيزات السكك الحديدية باهتمام كبير، ولكن هذه المغامرة المدروسة لا تسلم من الخطر التي تتطلب قلب أسد وثبات جبل، و هو عبر عناده وحنقه من استهزاء الفتيان الأكبر منه (الذين لم يصدقوا قدرته وهو أصغرهم على تطبيق ما أشار إليه، فكان أن زاده هذا إصرار على مغامرته) ذهب مع المتراهنين الخمسة الصغار ليلا، ليشاهدوا مغامرته بأم أعينهم المشككة رغم أن إحساس الندم طاولهم خاصة عندما سمعوا همهمة القطار الذي أقترب من جسد رفيقهم الجامد بين سكة الحديد.. مما جعلهم يطلبوا منه الهرب  من خلال صراخهم المتعالي.. ولكن الأوان كان قد فات ومر القطار على جسد " كوليا" الذي نجا من الموت بأعجوبة، ولكنه تعرف عليه عن قرب حد الإغماء، ليطلـق عليـه أصدقائـــه لقــــــب " الجسور" ولكنه بينه وبين نفسه، كان الموقف صدمة نفسية بالنسبة له، تغير إثرها، خاصة وأن مغامرته ذاع صيتها لتصل إلى أذن أمه و مدينته، وكانت ستقام قضية ضده من إدارة مدرسته إلا أن مساعي أمه ( التي أصيبت بنوبات عصبية أخافت "كوليا" عليها حد وعده لها بعدم تكرار ما حدث) وأستاذ الرياضيات المعجب بأمه نجحت في إنهاءها، إلا أنها لم تنهي الإحساس بالتشويق الذي بدأ يشد قلب ووجدان القارئ إلى المزيد من القراءة، لمعرفة باقي أحداث هذه الرواية التي إذا كان الطفل بها بهذا العزم والجسارة حد ارتكاب جريمة في حق نفسه، فما هي شخصية الكبار إذا؟ ولكن أهم ما شدني في الفتى "كوليا" هو عقله الرهيب.. خاصة في حديث له مع :
" سموروف " عندما أجابه عن سؤاله: 
من هو الاشتراكي..؟ (هو أحد عصبة الأطفال الذي ضربوا " ايليوشا" بالحجارة عندما جاءته تلك الحالة النفسية المتمردة إلى حد أن أغرس موسى في رجل "كوليا" الذي كان لا يتكلم معه بسبب دس "إيليوشا" دبوسا في خبز كلب بتحريض من " سمردياكوف"  وهذا الأخير تألم الما رهيبا وهرب وربما مات؟ وبسبب هذا خاصمه"كوليا" ووصفه بالحقير.. ولكن "إليوشيا" لم يتحمل وانهارت نفسيته بسبب تعلقه بصديقه "كوليا"..الذي انفصل عنه عقابا له على فعلته.. وبسبب ألمه على الكلب " توشكا" الذي لا يعرف مصيره بعد أن هرب متألما بشدة.. فمرض بالتالي مرضا شديدا حد الموت)  فقال له:
" الاشتراكي من يؤمن بأن يصبح جميع البشر متساوين وأن تصبح آراؤهم واحدة في كل شيء، وأن يلغى الزواج، وأن يتغير الدين، وتتغير القوانين على ما يحب كل فرد، وهلم جرا..." ( 32 م 18)
وأيضا في حديثه إلى" أليوشا- ألكسي كارامازوف" وهذا الأخير ُأحسُّ أنه أقرب الشخصيات المجسدة للروح الخيرة "لدوستويفسكي" نفسه.. و تأكد لي هذا الإحساس خاصة عندما قال له "كوليا" ( في معرض حديث بينهما وهما يحكيان عن حقيقة علاقة "كوليا" ب "ايليوشا"..) بلهجة قاطعة:
- أفهمك يا كارامازوف. ألاحظ الآن أنك خبير في معرفة النفس الإنسانية.
(ص 52 م 18).
والحقيقة الطفل الكبير " كوليا" إنما هو نموذج صغير أيضا "لدوستويفسكي" ربما في صغره" والدليل أن " كوليا" رغم أنفته وكبرياءه.. افتتن بمعاملة "أليوشا"..له كالكبار..وخاصة عندما خاطب " كوليا" " أليوشا" قائلا: - ما أعظم ما أحبك وأحترمك في هذه اللحظة، لأنك تشعر بخجل معي ! ذلك أنك تشبهني...) ص 98 م 18.
هما طيبان ولكن بوعي.. وكم أثر بي أيضا لقاء "كوليا" بصديقه الصغير القديم " ايليوشا " عندما عاده في سرير مرضه وانفعل بشدة عندما رأى حالة صديقه المريض الميئوس منها.. إلا انه تجلد وقام بإضحاكه هو وعائلته وأصدقاءه بحكاياته الشجاعة.. وجعله يرى كلبه الشبيه بتوشكا ويخبره عبر تمثيلية تظاهر بها أمامه بأنه هو نفسه توشكا ليجلب بأدائه التمثيلي هذا.. السعادة إلى إيليوشا الصغير الذي يحتضر.
وعليه أرى أن المعنى الحقيقي للجريمة يعني تقريبا.. كخلاصة لما جاء في الرواية كالتالي :
..بالنسبة لي احترم شخصية "دسوتويفسكي" نفسه فرغم كونه ذاق العذاب والشقاء جدا في حياته إلا انه يتفهم كل العلاقات الإنسانية ويحب الحياة.. كاني به نبي أدبي، كما جاء في وصف الصغير "كوليا " لصديقه الكبير " أليوشا" ( الذي اثر عليه بأفكاره عن الاشتراكية فِكر وشر "راكيتين" ولكن فكر وخير "أليوشا" أعاده إلى جادة طبيعته الجميلة البريئة) بقوله:
" - صحيح، صحيح ! مرحى ! انك نبي! نحن متفاهمان يا كارامازوف. وما يعجبني خاصة فيك أنك تخاطبني مخاطبة الند للند، مع أننا لسنا ندين متكافئين، لا، لا، فأنت أعلى مني، ولكننا سنتفاهم......" ص 98 م 18. 
 
ومن هنا وغيرها من الدلالات الفلسفية والتراجيدية والوجودية والواقعية.. في أحاديث الشخصيات الرئيسية.. والثانوية المهمة.. أدركت شيئا جديرا بالتأمل من خلاله.. وهو أنه لا شيء يسمى خير بالمطلق أو شر بالمطلق..
 
فأحيانا نجد القاتل في جريمة ما.. بريء، والبريء قاتل.. لأن القاتل تحكمت به عدة عوامل منها وسوسات اللغة، أي أن هذه اللغة تعد قاتلة، فكانت بالتالي سببا في دفعه للجريمة، وهنا نكتشف أنه يوجد قاتل رئيسي وهو البريئةُ يدُه من دم والده، ولكن مع ذلك قاتل باللغة، كالشيطان الذي يوسوس في آذاننا وأمثله بشخصية : " إيفـان فيدروفتش " ( شقيق أليوشا – ألكسي/ و ميتيا – دميتري ) كما جاء في قول "إيفان" وهو يحدث نفسه بعد لقاءه الثاني بسمردياكوف: 
" – اذا صدق أن القاتل ليس دمتري بل سمردياكوف فانني أكون عندئذ شريكه في هذه الجريمة ... حتما ... لأنني أنا الذي حرضته على القتل. 
الواقع انني لا أعرف أنا نفسي هل دفعته إلى الجريمة أم لا. ولكن إذا كان هو الذي قتل، لا دمتري، فعندئذ أكون أنا القاتل الحقيقي. "
ص 225 م 18
 
كما وان حديثه مع الشيطان بين لنا مدى براءة الشيطان من عدة أعمال نسبت إليه.. كما جاء في قول الشيطان نفسه.. اثر هلوسة "إيفان" الذي ينعت الشيطان بالغبي وكأنه اعتراف ضمني بأنه الشيطان الحقيقي أكثر من الشيطان نفسه الذي قال له:
" وأنت إلى هذا لا تكف عن تذكيري بأنني غبي. شهد الله مع ذلك أنني لم يخطر ببالي أن أنافسك في الذكاء. حين جاء مفستوفيليس الى فاوست قال انه يريد الشر ثم لا يستطيع أن يفعل الا الخير*. ذلك شأنه هو. أما أنا فعلى نقيض هذا. ربما كنت في الكون بأسره الإنسان الوحيد الذي يحب الحقيقة مخلصا ويصبو الى الخير صادقا. "
ص 288 م 18. )
 
و هناك قاتل ثانوي وهو الملطخة يدُه بدم والده،( سمردياكوف - الأخ الغير الشقيق ) ومع ذلك بريء بدون لغة، كونه كان أكثر الأبناء توددا لأبيه رغم معاملته له كخادم في بيته، إلى جانب جفاء إخوته الغير الأشقاء معه كما يصفه دمتري ( نتن ابن النتنة).. وهنا نقطة ضعفه، كونه بسيط التفكير حد الطيبة و شرير حد الغباء، وأحدهم وهو أكثرهم ثقافة ودهاء " ايفان" صاحب اللغة الأقوى ذو العقلية المدمرة التي تتبنى مفهـوم : كل شيء في هذه الدنيا مباح بعيدا عن سلطة الله.. دفعه شره الكامن داخله.. ودهاءه المسيطر مع كل من يتعامل معه حتى إخوته أنفسهم.. إلى الوسوسة لأخيه "سمردياكوف" لارتكاب الجريمة بلغة أقوى من فهمه البسيط حسب ما ظن "ايفان" ليدفع "سمردياكوف" بالتالي الثمن غاليا، في حياته وصحته عبر مرضه بالصرع وفي العقاب الذي استحقه ولم يستحقه، انتحاره قبل المحاكمة لتضيع الحقيقة معه ولكن الله لا يضيع حق إنسان أبدا.. 
و القاتل المظلوم ( دميتري)..وهو الذي اتُهم باطلا بارتكابه الجريمة وسجن بسبب تسرع اللغة العامة ضده بسبب النقود المفقودة..( إلا " أليوشا" الذي آمن ببراءته هو حبيبته "جروشنكا".. واقتنعا معه بكون أخيه الغير الشقيق "سمردياكوف" هو القاتل).. 
بمعنى أخر أن القاتل الرئيسي كان يستفز القاتل الثانوي ويوسوس له حد ارتكابه هذه الجريمة دون وعي منه، لأنه أدرك تأثيره عليه وسممه بأفكاره لأنه طيب.. وأكثر إخوته إفادة له في ارتكاب الجريمة حسب نظرته لزوايا الموضوع.. ولكن شقيقيه لم يسلما منه أيضا، إذ أمر القاتل المظلوم شقيقه "دميتري" بالهرب من السجن في حالة الحكم عليه .. ربما كي يورطه أكثر.. أو أن في قلبه بعض طيبة مع ذلك، والتي أحس بها دمتري والدليل أنه قال لأخوه أليوشا قبل أن يحكم عليه بيوم.. – أحِبَّ إيفان ص 182 م 18..
.. ونستنتج هنا أنه على الطيب أن يكون طيبا ولكن بوعي.. ولو كان شريرا فهو طيب بدون وعي، و لو كان طيبا بوعي عليه أن يكون شريرا أحيانا كي يستطيع مواجهة اللغة القاتلة بكامل هذا الوعي.. وحتى مفهوم البراءة في الرواية عميق جدا، حيث أنها صورها ببراءة مريضة صاحبة لغة بريئة حد الجنون أو القتل، وجسدتها " الطفلة المراهقة " الشيطان الصغير.. "ليزا" ( 16 سنة ) ابنة السيدة " هوخلاكوفا" ..
حيث بالنسبة له هذه البراءة علينا تقويم اعوجاج سلوكها في حالات معينة.. وإلا أصبحت براءة مريضة.. وهو هنا يلعب دور المنقذ لهذه البراءة، التي طلبت أمها وهي أي " ليزا" النجدة منه وحده، لحظة اعتراف... كما جاء عبر قولها في ص 155 من المجلد 18 ." : 
" - أنقذني يا أليوشا. من ذا الذي كان يمكنني أن أفضي إليه بما قلته لك اليوم ؟ وما اعترفت لك به كان هو الحقيقة مع ذلك، كان هو الحقيقة الصافية. أوه ! سوف أقتل نفسي، لأني أشمئز من كل شيء.. "
إنني أرى "أليوشا" – القديس- هو الخير.. ابن الشر "فيدور بافلوفتش" وأخ الشر "ايفان ".. لكأنما الخير والشر هما مرتبطان بالدم و منفصلان بالدم.. فالخبث يلد النقاء.. و النقاء يلد الخبث.. والجريمة تلد البراءة.. والبراءة تلد اللذة.. انه التضاد الأبدي، جنة.. الجحيم، ...إنه الفكر الدوستويفسكي الجديد، الألم هو وجود الإنسان الحقيقي.. وحتى الشر يمكنه أن يحس بعذاب الضمير وربما يثوب ويرجع إلى الخير في آخر لحظة من حياته.. كما وقع لايفان في ص 305 م 18 .
.. إنها حالات معقدة حقا تجعلنا نحس أن كل واحد منا مريض نفسي ولكن الاختلاف في مساحة الإدراك الذي يسيطر على جنوننا الداخلي.. بمعنى أن الوعي مهم جدا سواء عند الشرير أو عند الطيب.. عند العاقل أو عند المجنون نفسه.. الصراحة هي قداسة التوحد بين الجنون واللا جنون..
 
في النهاية نجد غلبة الطيبة على الشر.. أي انتصار طيبة "أليوشا" الواعية.. لنصرة اللا قاتل/ المظلوم "دميتري" ضد شر "إيفان" القاتل الرئيسي ( الذي أوشك على الموت بسبب هلوسات انتابته في النهاية...) و غباء القاتل الثانوي "سمردياكوف" الخنوع المريض بالصرع.. رغم انه انتصار غير ملموس على الواقع .. إذ اعتـُبـِـر "دميتري" مُذنب كذلك لأنه عليه أن يدفع تمن أخطاء أخرى اقترفها.. وحتى يتطهر كليا..
وعبر هذه الأبعاد التراجيدية والفلسفية و الوجودية والواقعية للعبة الخير والشر والتي جسدتها شخصيات الرواية بشكل متفرد حد ما بعد الإبداع..( و أقحمنا بها الراوي بنفسه إقحاما شديدا.. كل فصل عندما خاطبنا كقراء..) والتي كانت نابعة حقا من روح ولحم ودم كاتبها.. فإننا مع هذا نلمس بعض العيوب التي طاولتها ولا أجد أحسن من اعتراف مبدع الرواية الخالدة بنفسه.. أي "دوستويفسكي " عن طريق رسالة بعتها لأخيه... يتحدث فيها عن نقط ضعف وقوة هذه الرواية " الاخوة كارامازوف" قائلا:
"......لا ريب أن في هذه الرواية عيوباً كثيرة... ومن المؤكد أن طولها الزائد يشكل واحداً من أكبر هذه العيوب. بيد أنني واثق من أن لها – مع هذا – محاسن جمة. بل هي خير أعمالي على الإطلاق حتى الآن. وكيف لا تكون هكذا وقد أنفقت عامين كاملين في كتابتها (مع انقطاع عنها خلال كتابتي «حلم العم») وأنا أرى أنني تفوقت في صياغة بدايتها وجزئها الأوسط أما الخاتمة فقد تسرعت بعض الشيء في انجازها. وفي الأحوال كافة أرى أنني أودعتها كل روحي، كل لحمي ودمي.." 
 
كم هو عظيم أن نضحي من أجل قضية نبيلة تهم الإنسانية جمعاء.. تفتح أمامهم آفاق اكتشاف الذات والآخر، لقد ضحى الروائي "دوستويفسكي" بصحته من اجل الأدب، ونزف كثيرا.. كي يقدم لنا عصارة روحه ودمه عبر شخصيات عصية على كل تصنيف، و كانت معاناته في المعتقل وآلامه وعوزه إضافة إلى معاشرته لأنواع كثيرة من البشر، كنز ثمين بداخله، و ربما هو الحافز الكبير له في خلق إبداع أكبر بكل ما فيه من بعد نظر وتفهم لدوافع هذه الشخصيات بدون استثناء، بمعنى أن خلاص أي إنسان يأتي عبر الوعي وإبصار الطريق إلى الذات من الذات نفسها، فينجو عندها المبدع الإنسان من ذاته عبر ذاته.
تعليقات القراء

أكثر المقالات تعليقاً

أخبارنا بالقسم الفرنسي

أخبارنا بالقسم الانجليزي

كريم عبدالرحيم التونسي المعروف بعبد الرؤوف

فوزالباحث المغربي عدنان الرمال بالجائزة الكبرى للابتكار من أجل إفريقيا لسنة 2015

الإعلانات الجانبية

أضف إعلانك هنا

صور عشوائية

فيديوهات عشوائية

لعبة