سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
كُتب بواسطة: الرباط - عبدالكريم القيشوري ، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 2110 مرة، منذ تاريخ نشره في 2013/02/04
يسعد الوكالة العربية للصحافة " أبابريس" في إطار برنامجها "حوارات ثقافية" أن تستضيف علما مفردا بألوان متعددة ؛ حيث الفنون تتشكل في مساره بألوان الطيف. جمع بين المسرح والشعر والزجل والتربية والنقد والتأليف والعمل النقابي والجمعوي. إنه الأمين العام للنقابة الوطنية للفنانين المسرحيين المتحدين ذ عبدالناجي ميراني.
هذه بعض من أسئلة حاولنا من خلالها نبش ذاكرته حول مسقط الرأس وأشياء أخرى..
1 المبدع الناجي ميراني؛ بداية في أي خانة جنس يمكن أن نموقعك ؟ شعرا أم زجلا أم مسرحا..
- أولا ... تحية من القلب إلى الصديق ، والرفيق ، والقلم المتميز كريم القيشوري الذي فضل مهنة المتاعب للنبش في تفاصيل الحياة اليومية إلى جانب مهنة التعليم التي يرسم فيها معالم الطريق لأجيال سيصبحون في يوم من الأيام نماذج من كريم ... أعانك الله أخي ووفقك..
سؤال مركب بطبيعة الحال ، تصعب الإجابة عليه وفق القاعدة العامة في أدبيات علم النفس ، لا يمكنني أن أرى نفسي من النافذة وأنا أسير في الشارع ... بهذا المعنى ، إذن ، لن أستطيع أن أحكم على نفسي بنفسي بل أترك هذا الحكم إلى المهتم والقارئ . ومادام هذا السؤال يضعني أمام أجناس مختلفة فإن إحساسي الداخلي غالبا ما يربطني بالانتماء إلى جميع هذه القارات الثلاث والتي أراها شخصيا متجاورة لا متنافرة نظرا لارتباط المسرح بالشعر والزجل ومختلف أشكال التعبير باعتبار المسرح منبع الفنون.
هذا التداخل بين هذه الأشكال التعبيرية هو الذي يعطي للمبدع أو الفنان الطابع التركيبي والخصوصي لتجربته الإنسانية . عذرا زميلي كريم ... أتمنى أن أكون كريما بخصوص هذا السؤال الذي يدفع بي نحو الإقرار بأن إحساسي يكره كل أشكال الخندقة أو التموقع في خانة من الخانات ... فالشعر رائع ... والزجل أروع ... والمسرح أكثر روعة ... فأيهم أختار؟ لست أدري.. لك الكلمة ..
2 تعتبر مدينة آسفي مسقط رأسك. مدينة الشعراء والزجالين؛ مدينة الخزف؛ مدينة السردين ؛ مدينة الإبداع بكل تمظهراته ؛ هل هذه الأوصاف تفي بالغرض ؟ أم أن هناك توصيفات غائبة أو مغيبة؟
- الغائب يمكن قياسه بالشاهد ، لكن المغيب قسرا هو الوجه الحقيقي للمدينة
فمدينة أسفي بالرغم من خصوصيتها تعتبر جزء من حاضرة المحيط بتعبير ابن خلدون . تاريخ المدن عموما ببلادنا لا يعكس إلا الجانب السياحي وكأن المدن المغربية ما هي إلا جزء من نسيج المجتمع الاستهلاكي . لنأخذ مثلا أخي كريم مفهوم المدينة بالمعنى الإغريقي فهي تعني حضور نوس أي العقل في جميع تجلياته حتى في فرنسا فتعتبر باريس مدينة الأنوار أما عندنا في المغرب فالخلفية واضحة حيث تصبح المدن على الشكل التالي : مدينة السردين ، مدينة الطجين ، مدينة الكرعين ، مدينة موازين ... حتى وزارة الثقافة تساهم بدورها في هذا المسخ الذي يطبع مدننا المغربية من خلال مهرجانات تنمط المدن وفق سياسات مدروسة كمهرجان العيطة ومهرجان الحمير وقس على ذلك ما شئت من الوصفات الجاهزة لاغتيال العقل باسم إحياء التراث أي بالرجوع بالزمن إلى الماضي ومحاولة مسخه وفق إيديولوجية تسعى إلى تنميط وتعليب الذوق والعقل معا ... أعتقد أن الرسالة هنا واضحة والمغيب إشكال مطروح . فعلى كل مثقف ومبدع مسؤولية الالتزام بإعادة كتابة تاريخ المدن المغربية .
3 الملاحظ أن العديد من مبدعات ومبدعي مدينة آسفي ؛فضلوا الهجرة إلى وجهة المركز (محور الرباط سلا ؛ الدارالبيضاء) والاستقرار بها ؛ لأسباب فرضتها ظروف المعيش الحياتي. هل هذا سبب في القهقرى التي عرفتها المدينة ؛ أم أن هناك أسباب أخرى؟
- سؤال مهم جدا أخي كريم ... أتمنى أن أكون صائبا في تقديري حيال هذا السؤال المركزي ... فمنذ استقلال المغرب في القرن الماضي والحكومات المتعاقبة على تدبير الشأن العام على المستوى الثقافي على وجه الخصوص ظلت سجينة التصور الكولونيالي المتعلق بتقسيم المغرب إلى شطر نافع وآخر غير نافع ... فالمحور الذي أشرت إليه يمكن توصيفه بمحور الفرص نظرا للطبيعة الجيوسياسية لهذه المناطق وتمركز معظم النخب فيها وهذا ما جعلها محط اهتمام السياسة العامة للدولة ... ورغم حزمة الإصلاحات التي باشرها المغرب من منظور سياسة اللاتمركز واللاتركيز ومفهوم الجهوية الموسعة ظل العقل السياسي المغربي سجين رؤية شوفينية ضيقة لا تعبر عن واقع الحال..
فمدينة أسفي على سبيل المثال كانت تتواجد بها دار الشباب علال بن عبد الله وكانت تعتبر من أكبر دور الشباب المصنفة وطنيا من الدرجة الأولى ومنها تخرج عبد ربه الضعيف إلى جانب نخبة كبيرة من المثقفين والفنانين الذين أغنوا الساحة الفنية والثقافية داخل وخارج المغرب ... لكن يد الغدر ومعاول الحقد تهاوت عليها خلسة لتدكها في لحظة من زمن يتسم بالخسة والنذالة ... ورغم ذلك ظل جيلي يقاوم بتأصيل البعد الثقافي والمسرحي بفضاء آخر يعتبر متنفسا محليا عرف باسم النادي البحري الذي بني بعرق البحارة الكادحين لكنه هو الآخر سيعرف نفس المصير ... إننا أمام تراجيديا تتسم باغتيال الأمكنة وتخريب ذاكرة مدينة ... والهدف واضح هو اجتثات فكر ناشئ تشبع بثقافة السبعينيات التي أرهقت الفكر المخزني آنذاك ... وأخيرا ستعرف مدينة أسفي في هذه السنة تدشين مركب ثقافي تمت إعادة تأهيله من قاعة الأفراح إلى
( مدينة الفنون ) على غرار ( مدينة العرفان ) ... لاحظ معي أرجوك ما يعرف
في الممارسة العنكبوتية ب ( كُوبْيِي كُولِي ) لكن شتان ما بين فضاءات وجغرافيا العرفان بالرباط و« رُكِيَّة » الفنون بأسفي ...
إن هجرتي من مسقط الرأس إلى مسقط القلب أملته ظروف عديدة ترتبط بالاختيار الإجباري بالمعنى الوجودي . فمدينتي غنية إلى حد التخمة بثروات وطنية لا حدود لها لكنها مستنزفة بشكل من الأشكال وأريد لها أن تبقى مدينة الهامش لأسباب تاريخية لا داعي لذكرها في هذا المقام ... وعلى كل حال تبقى كل المدن المغربية جزء من مسقط الرأس ما دام بها مغاربة يحملون جزء من ذاكرتي وملامحي..
4 عرف النشاط المسرحي في مدينة آسفي فترة زاهية خلال مرحلة السبعينيات وبداية الثماتينيات؛ حيث كانت قبلة للرواد. في نظرك لماذا أفل نجم المدينة ولم يسطع بعد؟
- ربما هذا السؤال لا ينطبق على مدينة أسفي فحسب وإنما يمكن تعميمه على
جل المدن المغربية . لنأخذ حالة المدينة التي طرح من أجلها السؤال .
أنا أشاطرك الرأي ... فمرحلة الازدهار المسرحي بكل تأكيد كانت معروفة على الصعيد الوطني لأسباب معروفة لا داعي للتفصيل فيها ... لكن السياسة العامة أمام مجموعة من التحولات عملت على تقزيم هذا الحراك المسرحي بدء بهدم مجموعة من الفضاءات المسرحية مثلما سبقت الإشارة لذلك مرورا بالقضاء على مسرح الهواة وخلق كيان مبتور سُمي بمسرح الشباب زيادة على سياسة الترويج والدعم التي قسمت ظهر البعير فتفرق العير والنفير وضاعت العائلة المسرحية الواحدة بين مفترق المسالك ... فأسفي حاليا بها ثلاث نقابات مسرحية وليس بها قاعة واحدة صالحة للعروض ... والفرق والجمعيات المسرحية الموجودة حاليا بأسفي منذ ما يزيد عن 30 سنة وهي تطالب بتعويض دار الشباب علال بن عبد الله وفضاء النادي البحري ولكن دون جدوى ... إن الإبداع المسرحي عموما لا يمكنه أن ينمو إلا في بيئة سليمة تِؤمن بمناخ الحرية وتوفر الشروط الموضوعية والذاتية والدعم اللازم لا الإعانات ولا الصدقات المتبوعة بالمن والدعاية السياسوية لممثلين لا يتقنون أدوارهم إلا على صناديق الاقتراع ... تلك حالة مدينتي التي أعرفها جيدا وقد عشت ما أقوله إبان كنت رئيسا للإتحاد الإقليمي لمسرح الهواة ... وقد كان زميلي سالم لكويندي حاضرا معي في بعض الحالات والتي لا داعي لذكرها الآن..
حقا أخي كريم ... لقد عرفت ، أسفي شأنها شأن جميع المدن المغربية ، فترات زاهية خلال الفترات التي أشرت إليها لأسباب يمكن الاطلاع عليها بالتفصيل في الدراسة الجامعية القيمة التي قام بها الباحث مراد بلمودن تحت عنوان ( حركية مسرح الهواة بأسفي : من المسار إلى الانكسار ... ) والتي مع كامل الأسف رغم الملتمسات الكثيرة لم يكتب لها النشر ... ولو تم نشرها لكان لها الفضل الكثير في إغناء ربيرتوار تاريخ المسرح بأسفي كوثيقة مهمة تؤرخ للنشأة منذ ظهور ظاهرة ( بَرَّعْ ) التي أصلت لفرجة البساط ...
وبالعودة إلى الشق الأخير من سؤالك فإن بعض أسباب هذا الركود الملحوظ من وجهة نظري يعود إلى أسباب موضوعية ذكرت بعضا منها بالإضافة إلى أسباب ذاتية تتعلق بالممارسة المسرحية نفسها حيث حصلت قطيعة أشبه بالطفرة بين الرواد والجيل الجديد ...
5 الشعر والزجل من الأجناس الإبداعية التعبيرية التي تميز مدينة آسفي عن باقي المدن. هل من سر مكنون ؟
- ليس في الأمر أية صدفة ولا أي سر ... فالإبداع ، بصفة عامة ، هبة ربانية يقذف بها الله في قلوب عباده ولكن هذه الهبة ، التي تشبه الشرارة ، لا يمكنها أن تتطور إلا من خلال الممارسة والدراسة والإنصات الهادئ والاحتكاك بالتجارب الإنسانية.
من هنا يمكن القول إن مدينة أسفي تمتلك بالفعل مخزونا ثقافيا هائلا على مستوى الشعر والزجل شأنها شأن باقي المدن المغربية العريقة ... لكن ما ينقصها هو التعريف والترويج لهذا المخزون من طرف من يملكون الإمكانيات وأعني بذلك المجلس الحضري ومندوبية الثقافة ومختلف فعاليات المجتمع المدني مثل تنظيم مهرجانات أو ملتقيات سنوية لتشجيع المواهب..
فالثقافة استثمار وهذا ، مع كامل الأسف ، هو ما ينقص مدينة أسفي.
5 ما كان يطبع الحركة الثقافية في الفترة الزاهية المتحدث عنها هو روح العمل الجماعي/ الجمعوي حيث كانت دور الشباب تلعب دورا أساسيا وشريكا فاعلا للمدرسة – بل كانت مدرسة فعلا - للنهوض بشباب المدينة على مستوى الوعي بقضايا الوطن والمجتمع والأمة.. أين يكمن الخلل من وجهة نظرك؟
- لكل مرحلة جيلها ... وحتى لا نتهم بالحنين إلى الماضي أو نصنف من طرف البعض بممارسة ما يسمى بصراع الأجيال ... فإن الفترة التي تحدثنا عنها كانت عبارة عن بنية خاصة ، لها عقلها الخاص ، ومنطقها الخاص ... وكانت بالفعل دور الشباب مدارس خاصة تهتم بجميع متطلبات المرحلة وتلبي جميع حاجيات الشباب جسما وعقلا ... وأعترف هنا شخصيا وبصدق فلولا دار الشباب علال بن عبد الله بأسفي لكنت أنا الآن غير أنا ... وهذا لا يعني أننا كنا نعيش في عصر ذهبي ... إن ما كان ينقصنا آنذاك هو ما يتوفر عليه عصر أبنائنا من وسائل متطورة توفر لهم المعلومة على قدر كبير من الغزارة والتنوع.
فنحن عشنا وحيينا عصرنا بشكل حي ومباشر وهم يعيشون راهنهم في غالب الأحيان بشكل افتراضي ... أنا أحيانا أحس بطفرة بيني وبين أبنائي والخلل في نظري يكمن في العامل الثقافي وأعني به أن المدرسة والمؤسسات الرسمية لم تلعب دورها الكامل على مستوى الانتقال الثقافي الذي تم اختراقه بواسطة ثورات تكنولوجية مباغثة كالهواتف النقالة والأنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي ... أنا لست ضد التطور ولا ضد ثقافة الصورة وعولمة الحضارة الرقمية لكن الانغلاق داخل العوالم الافتراضية يمثل بالنسبة لي شرخا على مستوى المؤسسة الأسرية ... فالأنترنيت بالنسبة لي يمثل أحيانا شبحا يفرق بيني وبين أفراد أسرتي وهو ما كان حافزا بالنسبة لي في تأليف أغنية في الموضوع تحمل اسم ( مجنون الانترنيت ) على خلاف دور الشباب التي كانت وما زالت تجمعنا في لقاءات حية ومباشرة ...
6 أنت خريج هذا الوسط التفاعلي "الفاعل والمتفاعل"- الذي كان في يوم من الأيام يضرب به المثل- في تنشيط الحركة الثقافية والتنافس على النهل من منابعها. أين هذا من ذاك اليوم في مدينة آسفي؟
- إن التاريخ عبارة عن محطات كما يقال فجيلنا كانت له خصوصيات واهتمامات ثقافية محددة. وانشغالاتنا كانت كلها منصبة أساسا على الحراك الثقافي. ومن تم كان الهاجس الثقافي متحكما في الممارسة والسلوك بفعل خصوصية المرحلة وعوامل أخرى كانت تغذيها المدرسة والجامعة ... أما الآن فمدينة أسفي منشغلة بالزحف الإسمنتي لمسخ معالمها شأنها شأن باقي المدن المغربية وتحويلها إلى مسرح لممثلين جدد حولوها بدورهم إلى قطاع للسمسرة وإغراق الساكنة في مسرحية جديدة أشبه بالملهاة إسمها ( لكريدي ) ... فدار الشباب علال بن عبد الله أصبحت كورنيشا لا يحمل من الإسم إلا المهزلة ... وقاعة النادي البحري ابتلعها مكتب استغلال الموانئ والتسمية هنا واضحة لا داعي للتفصيل فيها ... والمكان الذي كان مقترحا لتعويضهما ابتلعته هو الآخر لوبيات العقار الذين تحولوا بقدرة قادر إلى أغنياء ... وقاعات السينما كلها أُفلست وأُغلقت باستثناء قاعة محظوظة يمتلكها المكتب الشريف للفوسفاط مثلما يمتلك فريق المدينة لكرة القدم ... وفضاء المسبح البلدي الذي يدل من خلال اسمه على أنه ملك للجماعة الحضرية وأن هذه الأخيرة لا وجود لها بدون ضرائب الشعب قد فُوِّت هو الآخر للخواص ... فأين ستنشط هذه الثقافة إذن ؟ مع العلم أن دور الشباب التي ما زالت على قيد الحياة في مدينة تعتبر من أكبر المدن المغربية اقتصاديا هي أشبه بعلب السردين ولا تليق بسمعة ومستوى المدينة ... إن الإبداع أخي كريم لا ينشط في غياب أهم شروطه وأعني به المكان اللائق ... إن الأسماك موجودة بمدينة أسفي ولكنها لا تتوفر على بحار أو على الأقل على شواطئ وحتى وإن وجدت في بعض الحالات فإنها ملوثة ...
7 عرفت المدينة بفرق مسرحية أسست للفعل المسرحي بأطر هواة و بقواعد احترافية
نذكر منهم : فرقة المسرح العمالي . فرقة رواد الخشبة. فرقة المعمورة الوطنية.. أين تموقع "الناجي ميراني" ضمن هذه الفرق؟
- لكي أبقى وفيا معك أخي كريم ، ومثلما ستعرف فيما بعد ، أنني أكره التموقع والخندقة مثلما صرحت لك في بداية هذا الحوار الخاص ... بالفعل عرفت مدينة أسفي تأسيس مجموعة من الجمعيات التي أسست للفعل المسرحي بقواعد احترافية والسبب في ذلك حسب اعتقادي الشخصي هو التفاني والإخلاص والصدق في العمل ... ولقد انخرطت مثل باقي الرواد في مجموعة من الجمعيات النشيطة آنذاك كجمعية هواة المسرح التي كانت تظم أهم النخبة المسرحية بالمدينة ، وتعاملت أيضا مع رواد الخشبة ، ولا أخفيك سرا إذا صرحت لك بأنني كتبت جميع مسرحياتي لجميع الجمعيات بأسفي تقريبا إلى جانب الانشغال معها أيضا في التمثيل والإخراج .... إن علاقتي كانت وما زالت مع جميع الجمعيات والفرق المسرحية مبنية على الاحترام المتبادل وهذه العلاقة التاريخية هي ما جعلتني في يوم من الأيام أتحمل مسؤولية قيادة الاتحاد الإقليمي لمسرح الهواة بأسفي رفقة الزميل سالم لكويندي ....
8– كيف يمكن توصيف انتقالك من مدينة تراثية لأخرى (من آسفي إلى سلا) هل يمكن اعتباره طفرة سمكة من حوض آسفي إلى حوض أبي رقراق ؛ لـتغيير "مياه راكدة" بمياه "دائمة الجريان" أي البحث عن بؤر نور..؟
- لقد سبق أن أشرت بأن الأسماك بأسفي موجودة ، لكنها لا تتوفر على بحار أو شواطئ وحتى وإن وجدت فإنها ملوثة ... بهذا التوصيف يمكن إيجاد تبرير هجرة سمكة من حوض أسفي إلى حوض أبي رقراق خوفا من أن تفسد السمكة من رأسها كما يقال ... هذا ليس تبخيسا في حق مدينة أعتز بها ، وفيها رأيت بؤر النور ... وإنما حقيقة تؤشر على أنه آن الآوان لإعادة النظر في استراتيجية المدن المغربية وفق مقاربة تنموية مستديمة تتخلص من عقدة المركز وتعمل على توفير جميع الفرص الممكنة بالمدن المصنفة خارج هذا التوصيف لتغيير المشهد المسرحي والثقافي والفني عموما أو على الأقل لتحقيق العدالة الاجتماعية ... بهذا الإحساس الذي يشبه القلق الوجودي المزمن كنت أشبه بسمكة بين تيارين أو خيارين : الأول تكون فيه السمكة أمام مقالب الصيادين أو على الأقل تموت داخل مياه ملوثة . والثاني تفضل فيه السمكة الهجرة خارج هذه المياه الآسنة للبحث عن حياة جديدة قد تكون بمثابة بؤر نور على حد تعبيرك لكن على كل حال تبقى سلا عروسة وَلاَّفَة وشعبية وبسيطة مثلها مثل مسقط رأسي مع فارق بسيط أن سلا تختزل تقريبا كل المدن المغربية ، حيث تجد فيها كل المغاربة تقريبا ...
9 - توصف من خلال كتاباتك للزجل بــ " الكاتب الساخر" هل لتيمات نصوصك خاصية تجعل منك مسوقا لها عبر مسرحتها في الركح من خلال ميزة الإلقاء الساخرة ؟
إن اختياري للسخرية ناتج عن اختيار مبدئي أملته تجربتي في الحياة وتأثيري بالتكوين الجامعي الذي تلقيته خلال دراستي ... ولقد اقتنعت بأن السخرية أكثر الأسلحة فتكا ، والتهكم قد يصيب بعض الأشخاص بالإسهال الحاد أو بالانهيار العصبي ... والوجود برمته هو عبارة عن نكثة أو مقلب ساخر ... وفي الضحك والسخرية تكمن الحقيقة كما كان يعتقد شوبنهاور ... والضحك قد ينقلب أحيانا إلى بكاء ... بمعنى ما من المعاني فإن السخرية الهادفة هي موقف من الوجود والحياة ... هي موقف من رجال سلطة يمثلون هم بدورهم مسرحيات ساخرة ... وحتى أقوى اللحظات تأثيرا هي في العمق ، لو تأملها الإنسان جيدا ، مجرد هستيريا من السخرية والضحك ... خذ معي ، مثلا أخي كريم ، قصيدة المعري الشهيرة التي رثى فيها زميله حمزة والتي تظهر لي ، حسب اعتقادي من مطلعها ، عبارة عن مفارقة فكرية تكاد تنفجر بضحك ساخر من مواقف معينة في الوجود . ونفس الشيئ ذهب إليه فلاسفة اللامعقول ، وكتاب الكوميديا والمقامات ... وتعتبر النكثة من أرقى أشكال التعبير عن مقاومة القهر الطبقي ، إلى جانب السكيتش الذي بدأنا نفتقد ملامحه في ثقافتنا الساخرة على حساب سيتكومات لا تلبي حاجياتنا من الضحك الساخر ... إننا بحاجة اليوم لتأصيل ثقافة الضحك في مجتمعنا إلى كتاب ، ومنظرين ، وفلاسفة يؤسسون لبيداغوجية جديدة تعتمد على السخرية والضحك ... لأن الضحك على الأقل يعتبر علاجا سيكولوجيا مهما للحفاظ على السلامة الجسدية والنفسية والأمن الإنساني بشكل عام .... أستسمح على هذا الاستطراد الذي فرضه سياق السؤال ... ربما هذه تأثيرات ساهمت إلى جانب حاجيات بيولوجية في ميلي اللاشعوري إلى الغوص في متاهة السخرية ... ومن تم كانت جل قصائدي تميل نحو مسالك الضحك الساخر الذي يترك وراءه سؤالا وجوديا مركبا : لماذا نضحك ؟ ومتى نضحك ؟ وعلى ماذا نضحك ؟ ولماذا وصفونا المناطقة قديما بأننا كائنات ضحاكة ؟ ولأريح نفسي من عناء المطلوب ... فإن طريقة إلقائي التي غالبا ما تجعل النص الشعري ممسرحا هي جزء من نجاح المقروء وتحويله إلى نص مسرحي ساخر بالإضافة إلى اختيار الآني والمعيش اليومي جزء من إشكالية المناولة الساخرة ... وقد جرت علي هذه المنهجية كثيرا من المشاكل التي أحولها هي ذاتها مواضيع للسخرية للتغلب عليها ... لاعتقادي الراسخ في أن السخرية هي السلاح الذي ننتصر به على الخصوم في النهاية ... ألم يترك المغاربة مقولة محفورة في تاريخ الحروب الاجتماعية : ( كَلْمَة بْهَمّْهَا ... صْعَبْ مَنْ ضَرْبَة بْدَمّْهَا ) ...
10 -عرف عنك أنك شاعر غنائي. ماذا تمثل لك الأغنية كرسالة موجهة للعموم ؟ وبأي منظار تصمم مقاصدها ؟
- لقد عزفت كثيرا عن الدخول إلى حديقة الموسيقى والوجدان العاطفي رغم أهميته في التوازن النفسي للإنسان ... وكنت أطرح دوما على نفسي نفس السؤال الذي بدأت به وأنا أدخل إلى عالم المجاذيب : ماذا سأضيف إلى عالم سبقني إليه عشرات ، بل ومئات الشعراء الغنائيين ؟ وما هي البصمة التي أتوق إليها ليكون لدي طابعي الخاص ؟ هل أمضي وراء الموجة ، وأغرق في لغة حدانية أوعلجية أو أو ... ؟ صدقني أخي كريم ... لقد دخلت هذه الحديقة المليئة بالأشواك بطلب وإلحاح كبير من طرف مجموعة من الأصدقاء والأساتذة الأجلاء الذين طالما حرضوني على الكتابة في الأغنية المغربية وأذكر من بينهم الأخ والصديق الكاتب والملحن والباحث في الأغنية المغربية الدكتور رشيد أبو تاج ، والصديق الغالي المايسترو رئيس الجوق الوطني عز الدين منتصر ، والصديق المنتج حميد العلوي ، ولا ننسى كذلك المطرب والملحن والمنتج إبراهيم بركات وغيرهم من الأصدقاء .... أمام هذا التحفيز تولد لدي إصرار على الدخول في مغامرة قد تكون ناجحة أو فاشلة ... لا يهم .... وبالفعل كانت قطعة ( مجنون الأنترنيت ) التي حازت على دعم وتحفيز وزارة الثقافة لسنة 2011 والتي كانت مقاصدها واضحة باعتبارها تناولت موضوع الساعة .. إلى جانب دعم الوزارة أيضا لقطعتين غنائيتين لسنة 2012 ... ودعم الدوزيم لقطعة كناوية تحمل عنوان (هاذ الليلة ليلتي ) تكريما للفنان حسن مضياف
إن الكتابة في موضوع الأغنية المغربية موضوع يحتاج إلى تقنيات تختلف بالضرورة عن مواضيع الزجل لأنها موجهة لجمهور عام يختلف بالضرورة عن جمهور الزجل ، حيث يكون الزجال في مهمة صعبة ، هو الواحد المتعدد في مواجهة المتلقي عكس الأغنية التي يقتسم فيها المسؤولية مجموعة كبيرة من المبدعين..
11 – ما سر الجنون الذي يركب سفينة عنوانين بعض منجزاتك الإبداعية ؟ مجنون الكلام ؛ مجنون الإنترنيت؛ طجين الحروف..
- مجنون الكلام عرض مسرحي قد اختارته لجنة دعم وترويج الأعمال المسرحية ، ومجنون الأنترنيت
عمل غنائي اختارته لجنة دعم وترويج الأغنية المغربية والقواسم المشتركة بين العملين رغم
. اختلاف الحقول الدلالية هو موضوعهما الدال على صفة الجنون ، حيث يكون الجنون الأول حكمة وفلسفة تميز بها المجنون في المتن المسرحي بينما يتحول الثاني إلى إدمان مرضي يهدم بيته بنفسه ... أما طجين الحروف فهو عنوان مقصود يمثل نصا بذاته لتحسيس القارئ بأهمية تغذية العقل بالإبداع الهادف عكس المقولة الشائعة التي يروج لها البعض ( الكرش إيلا شبعات كتقول للراس غني)
ماذا تمثل لــ " الناجي ميراني" الأسماء التالية :
- * سالم اكويندي
- سالم لكويندي ... رفيق وصديق مرحلة طويلة تقاسمنا فيها مسؤوليات كثيرة على مستوى مسرح الهواة بمدينة أسفي عمرها 30 سنة تقريبا ....
- عبدو بن الأثير *.
- عبدو بن الأثير ... ولد الدرب ... طينة نادرة ... مثقف ومبدع ... لكنه طائر غير محظوظ ...
* عيسى لكويس
- عيسى لكويس ... مجنون المسرح ... لكن الحياة العامة حرمتنا من سحره في الحضور والتشخيص ...
* مصطفى فاكر
- مصطفى فاكر ... مبدع بصيغة التعدد ... اجتمع فيه ما تفرق في غيره .....
* امحمد مضمون
- محمد مضمون ... جمع بين الصحافة والمسرح وكناوة ... وهذه الصفات تجعل منه رجل المرحلة ....
* أحمد الفنطاسي
- أحمد الفطناسي ... مبدع وفاعل مشاكس ... تتقاسمه حقول المسرح والرواية إلى جانب مهنة التعليم التي تجعل حضوره على الساحة متميزا..
* عبدالحق ميفراني.
- عبد الحق ميفراني ... ولد الدرب ... شاعر بنكهة خاصة ... ومهندس تنشيط بتطريز مميز ... له القدرة على الإقناع والفعل في المشهد الثقافي..
* مراد بلمودن .
- مراد بلمودن ... رحم في الطريق ... مثقف وباحث ... يعشق الإبداع إلى حد الهوس . وغيور على المسرح المغربي بطريقة تؤمن بالتعدد والاختلاف.
* زارا (فاطمة الزهراء) ميراني .
- - زارا ( فاطمة الزهراء ) ميراني ... شجرة علمتني أن الإرادة بالمعنى الفلسفي يمكنها أن تتحدى المستحيل وتحول الحلم إلى حقيقة..