الوكالة العربية للصحافة أپاپريس - Apapress
مقالات
أفكار و تحاليل الغزالي و القرضاوي آزرا "الشيعة" و حسن البنـّا نهى عن الخوض في المسألة
المسلسل العربي "فرقة ناجي عطا الله" يعرض صور من التـَّزَاوُج السُنـّي الـشـّيعِي و يقارب بين المذاهب
أثار المسلسل العربي " فرقة ناجي عطا الله" الذي يبث يوميا على القناة الفضائية الـ" one mbc " طيلة شهر رمضان المعظم على الساعة الثامنة بتوقيت مكة المكرمة ( السادسة بتوقيت الجزائر) اهتمام المشاهد الجزائري ، فالمسلسل يعالج قضية سياسية لطالما أثارت جدلا كبيرا على المستويين العربي و الدولي و لم يتم الفصل فيها إلى اليوم و هو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، و يرتكز بالتحديد على مسألة الحدود، غير ان الشيء الملفت في الفيلم هو أنه يبرز جليا مسألة التزاوج الشيعي السني و يدعو إلى نبذ الخلاف بينهما و بناء وحدة عربية إسلامية
المسلسل أنتجه الثنائي صفوت غطاس و تامر المرسي، مديرة الإنتاج دارين شمس الدين و ماجد الكردي بالإشتراك مع آخرين ، و هو من تأليف يوسف معاطي، أخرجه رامي إمام، و اشترك في التمثيل ممثلين عرب من مختلف الدول العربية ( سوريا، مصر، فلسطين ، العراق، و الصومال)، تدور أحداثه حول شخصية ضابط مصري متقاعد يعمل بالسفارة المصرية في تل أبيب يقرر الانتقام من إسرائيل من خلال السطو على بنك إسرائيلي قبل أن يقرر العودة إلى بلده بمساعدة شباب مدرب، و من بدأت مطاردته من قبل "الموساد"، قام بدور البطولة الممثل المصري القدير عادل إمام، الذي مثل دور السفير المصري ناجي عطا الله بتل أبيب، الملاحظ أنه حبذا لو آلت البطولة إلى الممثل المصري محمود عبد العزيز الذي قام بدور الجاسوس المصري رأفت الهجان ، بل تقمص شخصيته بكل احترافية لدرجة أن خيل للمشاهد العربي أن رأفت الهجان الحقيقي، لكن قيام عادل إمام بهذا الدور لم يبرز المهمة الحقيقية للسفير ناجي عطا الله، لأن عادل إمام يغلب عليه الطابع " الفكاهي" أكثر من "الدرامي" في كل المسلسلات و المسرحيات التي يشارك فيها.
و إن كان الفيلم قد أبرز الجانب الإنساني للعرب و تضامنهم في محنتهم، كما أبرز بعض الخصوصيات الأساسية للعرب أو فيما يسمى بالتزاوج "الشيعي السني" من خلال علاقة المصاهرة بين رجل سني و امرأة شيعية، و ربما أراد كاتب القصة من خلال هذه العلاقة أن يميط اللثام عن الصراع الشيعي السني، و يضع له حدا نهائيا، أو يسدل الستار إن صح التعبير عن هذه القضية ، ذلك بتجنب الخلافات الجانبية و المطالب الجزئية و الأفكار الثانوية، ليثبت أنها مسالة شكلية، ويوجه العرب و المسلمين ( الخارجين من الوقت العربي الإسلامي) نحو القضية الفلسطينية، و يخلق فيهم شعورا قوميا موحدا يحققون فيه مصير "الأمة العربية" ككل ، و الوقوف في وجه الذين يحاربون الإسلام و يشوهون صورته أمام الرأي العام العالمي.
الإخـــوان المسلمون و الشيعـــة
فمن جهة الصراع الشيعي السني، فقد فصل في هذه القضية علماء مسلمون، فحسن البنـّا مؤسس حركة الإخوان المسلمين نهى عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي لا يليق بالمسلمين ان يشغلوا أنفسهم بها لأنها تزيد من توسيع الهوة بينهم ، و هو كسائر أهل "السنة" يهمّه ان يتقارب المسلمون و ينبذوا ما بينهم من خلاف، و تحاشي البنا الحديث عن الشيعة راجع إلى انقسام هذه الفرقة إلى فرق أخرى ، و قد ذكرت الدكتورة عواطف العربي شنقارو ، في كتابها "فتنة السلطة .. الصراع و دوره في نشأة بعض غلاة الفرق الإسلامية" عن دار الكتاب بنغازي ليبيا أوردت في المبحث الأول من الصفحة ( 225 إلى غاية الصفحة 277 ) ، تاريخ نشأة فرق الشيعة و أن العراق كانت الأرضية التي نبتت فيها أكثر الفرق الإسلامية خصوصا فرق الشيعة التي بلغ عدده 27 فرقة، فمنهم ( " العلويون" ، عندما أنذر النبي ( صلعم) عليا من عشيرته الأقربين، فكان هو الخليفة المختار، و فرقة "الكيسانية" و هم من الشيعة الغلاة الذين يقولون أن روح الله صارت في النبي و أن روح النبيّ صارت في علي و روح علي صارت في الحسن ثم الحسين و هكذا..، ثم تفرعت فرق أخرى، مثل الخناقون، الرافضة،الجناحية ، البشيرية، و الزيدية، و المفضلية و المعمرية، ثم تأتي "السبئية"، التي يرى أصحابها أن عليا رضي الله عنه هو إلها ، ثم الباطنية التي تفرعت عنها الإسماعيلية، نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، و يطلق عليهم اسم " الواقفة" كما يسمون بالسبعية، و لهم ألقاب أخرى مثل العقل الحجاب، و تفرعت من الباطنية فروع عديدة منها القرامطة، المزدكية و التعليمية، الخطابية و البزيغية و هم أصحاب بزيغ بن موسى ، ثم الإمامية و هم الإثنا عشرية، فيما يقول آخرون الثمانية عشرية، ثم البيانية و الحربية و المنصورية و الفريدية و غيرها..).
الإمام محمد الغزالي : الصراع الشيعي السني
هو صراع سياسي أكثر منه ديني
و ربما لهذه الأسباب و لتعدد هذه الفرق الإسلامية وقف الإمام محمد الغزالي رحمه الله، إلى جانب حسن البنا، حيث أكد في إحدى تصريحاته، أنه لو كان يستطيع إرسال فرقة من السنة لمناصرة الشيعة في حربهم مع بعث العراق لفعل و لكنه لا يستطيع، و موقف محمد الغزالي واضح عندما قال : " إن كثير من أهل العلم لديهم صورة عن الشيعة نسجتها الإشاعات و الفروض المدخولة، و يذهب بالقول "أن الصراع الشيعي السني هو صراع سياسي أكثر منه ديني"، و قد تكلم الإمام محمد الغزالي عن الإمام حسن البنا مطولا في كتابه " في موكب الدعوة" عن دار الهناء للطباعة و النشر و التوزيع الجزائر عندما قال في الصفحة 215 و هو الذي تعلم في مدرسة حسن البنا : " لقد كان حسن البنا واحد من علماء كثيرين ظهروا في العصر الأخير، علماء لهم فقه جيد و دروس رائعة في الإسلام"، و هذا ما يؤكد ان علماء السنة دعوا إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية ، لأن الأمة الإسلامية كما قال الغزالي في وضع يفرض عليها سرعة اليقظة، لأن الذئاب تتعاوى من كل ناحية كي تنهشها، و يعود دفاع الغزالي عن حسن البنا لانتمائه في بداية حياته إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1938 م ، و تم اعتقاله في جبل طور عام 1949 مباشرة بعد اغتيال حسن البنا.
موقف الشيخ القرضاوي من الشيعة
و يجمع أغلب المختصين في الفكر الشيعي أن "الإمامية" هي الفرقة الأكثر اعتدالا، لأنها تؤمن بالله ربا و بمحمد نبيا و رسولا و بكل ما جاء به من عند الله، و هو ما أشار إليه الدكتور محمد سليم العوّا في دراسة له وقف على العلاقة بين السنة و الشيعة و هي دراسة نشرها في كتيب يحتوي على 61 صفة عن بيت الحكمة بمصر ، و استشهد صاحب الدراسة بفتوى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، عندما قال: " و يجمع بيننا و بين إخواننا الشيعة الإمامية الإيمان بالقرآن كتابا منزلا من عند الله"، و هذه شهادة تأييد للإمام حسن البنا و الإمام محمد الغزالي، و هؤلاء الثلاثة معروف عنهم بالحكمة و التعقل في إصدار الفتاوي.
خصوم "الشيعة" في الميزان
فيما ذهب البعض بالقول ان الإمام حسن البنا كان متقاربا مع الشيعة عن جهل، و من الذين انتقدوا الإمام حسن البنا الدكتور عبد الله بن عبد الله الموصلي في كتابه " حقيقة الشيعة" صدر بالقاهرة ، و بحسب صاحب الكتاب فإن الإمام حسن البنا لم يقم بالبحث و التنقيب في كتب الشيعة القديمة التي عليها مدار مذهبهم، و لم يكتف الدكتور عبد الله بن عبد الله الموصلي من انتقاد البنا، بل سلط قلمه النقدي على الإمام محمد الغزالي عندما قال انه لم يكن فطنا و لا حكيما فيما أقدم عليه، لأنه لم يفرق إذا ما كانت إمامة الإثنى عشر المعصومين من أصول الدين أو من فروعه عند الشيعة.
و يعتقد هذا الكاتب ان الإمام محمد الغزالي كان ضحية "خدعة"، لأنه كانت تربطه علاقة صداقة مع شيخ شيعي اسمه محمد جواد مغنية ، و كان الغزالي لا يعلم أن هذا الأخير ( مغنية) يتعامل معه بالتقية للحصول على مكاسب مذهبية، و في كل هذا و ذاك أراد مخرج الفيلم أن الذين يتجادلون في مسألة الشيعة و السنة هم أصحاب النظر القصير و الرؤية المحدودة، و بدلا من أن يلتفوا وراء قضية واحدة و هي نصرة الإسلام و محاربة أعدائه، من صليبي و هندوسي و صهيوني و وثني، و الإبادة الوحشية للمسلمين في فلسطين و كشمير و بورما، هم يعملون على زرع الفتنة بين المسلمين و التفرقة بينهم، و هم بذلك يحققون حلم اليهود، و لكن المسلمين مازالوا في نوم عميق كما قال الإمام محمد الغزالي.
تهريب الأموال قضية اقتصادية أكثر منها سياسية
و في الشق الثاني من الفيلم هناك مستويات ربما لن تأتي ثمارها، لأنها تمثل الجانب السلبي في حياة المجتمع المسلم، لأن جزء من المسلسل يعرض طرق و أساليب تهريب الأموال، بحيث يعرض كاتب القصة طرق إخفاء المال عن جهاز الرقابة بمكتب الجمارك بمطار بغداد الدولي ، من خلال رش العملة النقدية (الورقية) بمبيد الحشرات، و هي طريقة تستعمل في تبييض الأموال، و تمنع الكشف عن وجود العملة، وكشف هذه الطريقة تشجع على توسع جرائم التهريب التي هلكت الاقتصاد العربي، و تعلم المجرمين طرق التهريب، لاسيما و تهريب الأموال مسألة تختلف قوانينها من بلد لآخر، و هي ربما النقطة التي لم يلتفت إليها كاتب القصة، أو غض الطرف عنها.
كما أن الرقابة السينمائية تفرض على مخرج الفيلم التحفظ عن بعض الأمور، قد تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين الدول، أم هي شروط يفرضها المنتج، مثلما هو الشأن بالنسبة للمؤسسات الإعلامية التي تغظ طرفها عن فساد بعض المؤسسات الاقتصادية حتى لا تحرم صفحاتها من الإشهار، وقد ربط مخرج الفيلم هذا التزاوج السني الشيعي بتهريب الأموال كون الصراع الاقتصادي كان عاملا مهما للانخراط في فرق الغلاة، و عاملا مهما جدا كذلك في تغذية الثورات السياسية، ما جعل بعض الفرق الإسلامية تستغل الدين في ممارساتها السياسية، كما أنه غالبا ما تكون التجارة و الصفقات غطاءً اقتصاديا في عمليات "الجوسسة".
تعليقات القراء