سنة 1887 - أعلن أديسون عن اختراع الفوتجراف "جهاز تسجيل الصوت". سنة 1948 - أصدرت الأمم المتحدة قراراً بمقتضاه أصبحت المملكة الليبية دولة مستقلة. سنة 1956 - انضمام تونس إلى الأمم المتحدة. سنة 1970 - أعلن العلماء الأمريكان توصلهم لاستخلاص الماء والأكسجين من تربة القمر. سنة 1973 - قرر المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الأفريقية فرض حظر اقتصادي شامل على إسرائيل حتى تمتثل لقرارات مجلس الأمن. سنة 1980 - بدء القمة العربية الثانية عشرة في عمان سنة 1694 - ولد المفكر والفيلسوف الفرنسي فولتير. سنة 1938 - دفن مصطفى كمال أتاتورك في مدينة أنقرة. سنة 1945 - غواتيمالا تنضم إلى الأمم المتحدة. سنة 1991 - انتخب مجلس الأمن نائب رئيس الوزراء المصري بطرس غالي أمينا عاما للأمم المتحدة.
كُتب بواسطة: عبداللطيف زكي، ونُشر بواسطة:
أبابريس شوهد 1293 مرة، منذ تاريخ نشره في 2013/03/29
قال لي صديقي إن من ذاق الحرية وعاش في أجواء الديمقراطية لن يتنازل عنهما أبداً وأن من لم يعرفهما لا يمكن أن يلام على عدم اشتراطهما في حياته ولن يستطيع تقدير ما توفرانه من كرامة إلا بعد تهيئ طويل قد يكون عسيراً. كنت أود أن أساير صديقي في كلامه إلا أنه بدا لي فيه ما قد يكون خطراً إذ أن أعداداً كبيرة من الناس الذين عاشوا في دول ديمقراطية تضمن الحرية لساكنتها ولزوارها عادوا لبدانهم التي ليس فيها من ذلك شيئا ولم يضرهم ذلك بل إن أكثرهم تأقلم لأسباب ليس من الصعب تصورها وانخرط في نظام سياسي لا يعترف بحقوق الإنسان ولا بحرياته الأساسية ولا يسير بمنهج ديمقراطي مبني على المساواة وتعادل الفرص. وخلافاً لهؤلاء، فإن من بين أشد المطالبين بالحرية من لم يعرفوا لها طعماً قط ومن أعتد مناصري الدمقراطية من لم وربما لن يروها تمارس في بلادهم أبداً.
بدت لي هذه المفارقة مثيرة وأردت لفت نظر صاحبي لها لكنه أنكر علي رأيي مفسراً بأن من اعتقدت أنهم متنازلين عن الحرية والدمقراطية ومنخرطين في أنظمة لا تقوم عليها هم في الحقيقة يعملون من داخل هذه الأنظمة لخلق مناخ مناسب وفكر وثقافة مواتيين وملائمين قبل الشروع في تمكينهم من الحريات تدريجياً الواحدة بعد الأخرى و ولتأهيل البلد والناس قبل تسليم بعض سلط التشريع والقرار لفئات أوسع منهم بشروط مسبقة وضمانات الاسقرار كالإنتماء إلى جهات أو قبائل بعينها أو مستوىً تعليمي معين أو دين من بين الأديان أو نوع اجتماعي دون الآخر.
لم يصدمني رأي صاحبي أكثر ما صدمني تحليله وتفسيره، أو لنقل تبريره، حيث أنه يرى أن من جرب الحرية والدمقراطية في الغرب لن يقبل بهما في بلاد تغلب عليها الأمية والجهل والفقر وأساب ثقافة التسلط والسلوك الأناني والتفرد بالحكم. إذ أنه على هذا النوع من المجتمعات في رأيه أن يمر من مراحل تفرض فيها السياسات والحلول ولا يؤخذ فيها رأي الشعوب التي ليست مهيئة لتحمل المسئوليات التي ترافق الحرية ولا لأخذ القرارات التي تخولها الدمقراطية. رأي غريب خصوصاً أن صاحبي أردف تحليله بالقول إنه على كل حال ليس من حق بعض فئات الساكنة أن تتمتع بنفس الحقوق والحريات كالآخرين إذا كانت أقلية أو حديثة العهد بالاستيطان أو أن لها علاقات تاريخية أو علاقات قرابة بفئات أو جنسيات أو شعوب أو ديانات معينة أو أن لها سلوك يحكم عليه بالأجنبي أو بالمخالف لاختيارات الأغلبية ولما تفضله.
هلعني هذا الرأي لأن من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه لإقصاء أعداد هائلة من من يعتبرون بلداً ما بلدهم رغم بعض الخصوصيات التاريخية أو الاقتصادية أو العرقية أو اللغوية أو الدينية أو القبلية أو الجهوية التي تلام عليهم، كالعرب في إسرائيل ومسلمي بعض دول أوربا وآسيا والأكراد في العراق وسوريا وتركيا والأمازيغ في كثير من بلدانهم والوافدين في بلدان الخليج، وذكرني هذا الرأي بأحكام وآراء متطرفي اليمين الأوربي والأمريكي ومطالبتهم بإقصاء بعض الوافدين على بلدانهم وكذا المتجنسين من الشأن السياسي ومنع المتدينين بديانات أقلية من ارتداء ثيابهم التقليدية أو المفروضة عليهم بدينهم أو بجلد من لم يلتزم بتقليد ما لا يحبه من تقاليد مجتمعه أو مجتمع يعتبره أقلية أو بإعدام من غير دينه
لا يجيز صاحبي في تحليله مثلا أن يتقدم لأي انتخاب محلي أو وطني من لا يدين بديانة بلده ومن لا يتحدث لغتها ومن
لا يحترم عاداتها وتقاليدها لكنه يعتبر من حقوقه الأساسية أن يتقدم هو لانتخابات الدولة التي أعطته جنسيتها وهو لا يدين بديانتها السائدة ولا يحترم عاداتها وتقاليدها ويعتبر أن التحدث بلغتها استلاب ثقافي ومس بهويته كما لا يجيز أن يسمح لمبشري الديانات الأخرى أن يدعوا لدينهم في بلده وهو ينادي بحرية الدعوة لدينه في بلدهم و ولا يتصور أن يقيموا معابداً لهم على أرض بلده وهو يجد من الطبيعي والواجب على كل بلدان العالم أن تقام فيها المساجد وصلوات المسلمين. عجبت لصديقي وهو يتحدث باقتناع كبير على ما يجوز وما لا يجب أن يجوز في بلد يقول إنه بلده ويغار عليه وقد هاجره منذ أيام الدراسة ولا يعيش فيه ولا يزوره إلا غباً وهو لا يدري أن الأنانية التي يقول إنها تحد من فرص الحرية والدمقراطية هي بالضبط ما يميز كلامه.
أعترف إن عجبي ليس في محله ولا مبرر له ؛ فقد كان علي أن أفهم منذ البداية أن الحرية التي يرى صديقي أن من جربها لا يتنازل عنها هي تلك التي تمكنه هو من التعبير وتوفر له هو فرصة ممارسة اختياراته أينما كان وإنكار نفس الحريات والفرص على غيره خصوصاً في بلده الأصلي وأن ما يعنيه بعدم ملائمة الدمقراطية لمجتمع كمجتمعه هو أنها لا تلائم تفرده هو برأيه وحمايته هو للمصالح التي يخولها له التعليم والمهنة والشواهد العليا التي حصل عليها مجاناً وأديت أثمانها والمنح التي مكنته منها من عرق جبين ؤلائك الذين لا يراهم أهلا للحرية والدمقراطية ؛ تعبوا ليهنأ وعملوا ليستريح، استيقظوا قبل الفجر مدى عمرهم ليتمتع بدفئ فراشه الناعم إلى الظهر ورابطوا في قراهم النائية وفي أحيائهم الفقيرة المحرومة من الماء ونور الكهرباء لتقله الطائرات والبواخر لجامعات العالم ومدارسها العليا وليجوب العالم بعد ذلك وليشتغل في بلاد أجنبية، ويأتي في بعض عطله السنوية التي يؤدي ثمن فنادقها الفاخرة من دولة يتمتع فيها بكل الحريات وهو أقلية فيها ليقول بأن ذويه ليسوا أهلا للحرية ولن يعرفون للديمقراطية قيمة لأنهم أميين جاهلين يغلب على طبعهم الفساد والغش والكسل ولا ينتجون إلا التخلف والتطرف والإرهاب وبأنهم لازالوا في حاجة لعقود ليتحضرون. افترقنا بما تستوجبه اللياقة والأدب ليعود لفندقه الذي تسجل فيه بجواز سفر أجنبي ليجد في انتظاره زوجته الأجنبية التي لم تتعلم قط لغة أمه ولا لغة أبيه والتي لم تعلم أيهما لأبناءه ؛ عدت أعقابي أجر خيبتي حائراً كيف أحس وأنا أعلم أنني فقدت صديقاً ربما للأبد!